للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ت د) , وَعَنْ مُسَّةَ الْأَزْدِيَّةُ قَالَتْ: (حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَقْضِينَ صَلَاةَ الْمَحِيضِ , فَقَالَتْ: لَا يَقْضِينَ) (١) (كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَرْبَعِينَ يَوْمًا) (٢) (لَا يَأمُرُهَا النَّبِيُّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ) (٣) (وَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ (٤) مِنْ الْكَلَفِ (٥) ") (٦)

الشَّرْح:

(حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَقْضِينَ صَلَاةَ الْمَحِيضِ) أَيِ الْحَيْضِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. عون٣١٢

(فَقَالَتْ: لَا يَقْضِينَ) أَيْ: الصَّلَاةَ.

(كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَرْبَعِينَ يَوْمًا) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ النِّفَاسُ وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا وَضَعَتْ فَهِيَ نُفَسَاءُ وَنِسْوَةٌ نِفَاسٌ وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعَلَاءُ يُجْمَعُ عَلَى فِعَالٍ غَيْرُ نُفَسَاءَ وَعُشَرَاءَ انْتَهَى. تحفة١٣٩

قال الحافظ بن تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى مَعْنَى الْحَدِيثِ كَانَتْ تُؤْمَرُ أَنْ تَجْلِسَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ لِئَلَّا يَكُونَ الْخَبَرُ كَذِبًا إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَّفِقَ عَادَةُ نِسَاءِ عَصْرٍ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ انْتَهَى. تحفة١٣٩

(لَا يَأمُرُهَا النَّبِيُّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ) فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ مُسَّةَ سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَأَخْبَرَتْ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ يَأمُرُ بِهَا وَأَجَابَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْ صَلَاةِ النُّفَسَاءِ

قُلْتُ: فِي تَأوِيلِهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بالمحيض ها هنا هُوَ النِّفَاسُ بِقَرِينَةِ الْجَوَابِ وَالثَّانِي أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَجَابَتْ عَنْ صَلَاةِ حَالِ النِّفَاسِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَإِنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَتَكَرَّرُ فِي السَّنَةِ اثْنَا عَشَرَ مَرَّةً وَالنِّفَاسُ لَا يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ بَلْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ جِدًّا فَقَالَتْ إِنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَفَا عَنِ الصَّلَاةِ فِي حَالِ النِّفَاسِ الَّذِي لَا يتكرر فكيف لا يغفو عَنْهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ الَّذِي يَتَكَرَّرُ. عون٣١٢

(وَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ) الْوَرْسُ بِوَزْنِ الفلس نبت أصفر يكون باليمين تُتَّخَذُ مِنْهُ الْغَمْرَةُ لِلْوَجْهِ. تحفة١٣٩

(مِنْ الْكَلَفِ ") لَوْنٌ بَيْنَ السَّوْدَاءِ وَالْحُمْرَةِ وَهِيَ حُمْرَةُ كُدْرَةٍ تَعْلُو الْوَجْهَ وَشَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كَالسِّمْسِمِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ لِلْجَوْهَرِيِّ. تحفة١٣٩

فَوائِدُ الْحَدِيث:

(تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ عُقَيْبَ الْوِلَادَةِ حُكْمُهُ يَسْتَمِرُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا , تَقْعُدُ فِيهِ الْمَرْأَةُ عَنِ الصَّلَاةِ وَعَنِ الصَّوْمِ , وَأَمَّا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا , فَطَهُرَتْ. عون٣١١

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ: وَالْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُتَعَاضِدَةٌ بَالِغَةٌ إِلَى حَدِّ الصَّلَاحِيَّةِ وَالِاعْتِبَارِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهَا مُتَعَيِّنٌ فَالْوَاجِبُ عَلَى النُّفَسَاءِ وُقُوفُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى. تحفة١٣٩


(١) (د) ٣١٢
(٢) (ت) ١٣٩ , (د) ٣١٢ , (حم) ٢٦٦٢٦
(٣) (د) ٣١٢
(٤) الوَرْس: نبات أصفر يُصْبغ به.
(٥) الْكَلَف شَيْءٌ يَعْلُو الْوَجْهَ كَالسِّمْسِمِ , وَهُوَ لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ , وَهِيَ حُمْرَةٌ كَدِرَةٌ. تحفة الأحوذي (ج١ص١٦٧)
(٦) (جة) ٦٤٨ , (ت) ١٣٩ , (د) ٣١١ , (حم) ٢٦٦٢٦ , وحَسَّنه الألباني في الإرواء: ٢٠١