للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(س) , وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قَالَتْ: مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِصَانِ , فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا (١) " , فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ (٢) " (٣)

الشَّرْح:

(مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِصَانِ) أَيْ: مِثْلَ جَرِّ الحصان إذا مات , لإبعاده عن الناس لئلا يتضرروا بجيفته , أَوْ التشبيه في كَوْنُهَا مَيْتَةً مُنْتَفِخَةً مِثلَه. ذخيرة٤٢٥٠

(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا " , فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ) أَيْ: محرمة بنص الكتاب حيث قال تعالى حرمت عليكم الميتة. ذخيرة٤٢٥٠

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ ") (الْقَرَظُ) وَرَقُ السَّلَمِ يُدْبَغُ بِهِ , وَقِيلَ: شَجَرٌ عِظَام كَشَجَرِ الْجَوْزِ , لَهَا شَوْكٌ غِلَاظٌ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْقَرَظ شَجَر يُدْبَغ بِهِ الْأُهُب وَهُوَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُفُوصَة وَالْقَبْض , يُنَشِّف الْبِلَّة وَيُذْهِب الرَّخَاوَة وَيُجَفِّف الْجِلْد وَيُصْلِحهُ وَيُطَيِّبهُ فَكُلّ شَيْء عَمِلَ عَمَل الْقَرَظ كَانَ حُكْمه فِي التَّطْهِير حُكْمه. وَذِكْر الْمَاء مَعَ الْقَرَظ قَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْقَرَظ يَخْتَلِط بِهِ حِين يُسْتَعْمَل فِي الْجِلْد وَيَحْتَمَل أَنْ يَكُون إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْجِلْد إِذَا خَرَجَ مِنْ الدِّبَاغ غُسِلَ بِالْمَاءِ حَتَّى يَزُول عَنْهُ مَا خَالَطَهُ مِنْ وَضَر الدَّبْغ وَدَرَنه. عون٤١٢٦

فَوائِدُ الْحَدِيث:

(يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ) فيه بيان لما تُدبغ به جلود الميتة , وهو القرظ والماء. ذخيرة٤٢٥٠

ومنها: أنه يدل على وجوب استعمال الماء في أثناء الدباغ. ذخيرة٤٢٥٠

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ حُجَّة لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ غَيْر الْمَاء لَا يُزِيل النَّجَاسَة وَلَا يُطَهِّرهَا فِي حَال مِنْ الْأَحْوَال. عون٤١٢٦

قال الأثيوبي: وفي كلامه هذا نظر , فقد تقدَّم أن غير الماء يُطهِّر أيضا إذا أمر به الشارع , كطهارة النعل بالمسح. ذخيرة٤٢٥٠


(١) الإهاب: الْجِلْد قَبْل الدِّبَاغ. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج ٧ / ص ٢٥)
(٢) (الْقَرَظُ) وَرَقُ السَّلَمِ يُدْبَغُ بِهِ , وَقِيلَ: شَجَرٌ عِظَام كَشَجَرِ الْجَوْزِ , لَهَا شَوْكٌ غِلَاظٌ , وَإِلَيْهِ أُضِيفَ سَعْدُ الْقَرَظِ الْمُؤَذِّنُ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِيهِ (وَبِوَاحِدَتِهِ) سُمِّيَ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ , وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ , (وبِتَصْغِيرِهِ) سُمِّيَتْ إحْدَى قَبَائِلِ يَهُودِ خَيْبَرَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ (وَبِوَزْنِ اسْمِ الْفَاعِلِ) مِنْهُ سُمِّيَ وَالِدُ خَالِدِ بْنِ قَارِظٍ بْنِ شَبَّةَ بْنِ أَخِي عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ , (وَإِلَيْهِ) يُنْسَبُ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَارِظِيُّ فِي السِّيَرِ.
(٣) (س) ٤٢٤٨ , (د) ٤١٢٦ , (حم) ٢٦٨٧٦ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ٥٢٣٤، الصحيحة: ٢١٦٣