للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ت حم) , وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً) (١) (فَكُنْتُ أُكْثِرُ الِاغْتِسَالَ مِنْهُ , فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ ") (٢) (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ , قَالَ: " يَكْفِيكَ أَنْ تَأخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنْهُ ") (٣)

الشَّرْح:

(كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً) (فَكُنْتُ أُكْثِرُ الِاغْتِسَالَ مِنْهُ) أَيْ: أُكْثِر الْغُسْل لِأَجْلِ خُرُوج الْمَذْي. عون٢١٠

(فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ: " إِنَّمَا يُجْزِئُكَ): مِنْ الْإِجْزَاء أَيْ: يَكْفِيك. عون٢١٠

(مِنْهُ) أَيْ: مِنْ خُرُوج الْمَذْي. عون٢١٠

(الْوُضُوءُ " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟) أَيْ: فَكَيْف أَصْنَع بِالْمَذْيِ الَّذِي يُصِيب ثَوْبِي. عون٢١٠

(قَالَ: " يَكْفِيكَ أَنْ تَأخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ) أَيْ: بِالْكَفِّ مِنْ الْمَاء , وَفِي رِوَايَة الْأَثْرَم: يُجْزِئُك أَنْ تَأخُذ حَفْنَة مِنْ مَاء فَتَرُشّ عَلَيْهِ.

قَالَ النَّوَوِيّ: النَّضْح قَدْ يَكُون غَسْلًا. وَقَدْ يَكُون رَشًّا. اِنْتَهَى.

وَلَا شَكّ أَنَّ اِسْتِعْمَال هَذَا اللَّفْظ جَاءَ فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ لَكِنْ الرَّشّ هَاهُنَا مُتَعَيَّن لِرِوَايَةِ الْأَثْرَم. عون٢١٠

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَذْيَ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ يَكْفِي نَضْحُهُ وَرَشُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ. تحفة١١٥

(حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنْهُ ") أَيْ: الثَّوْب. عون٢١٠

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى نَجَاسَةِ الْمَذْيِ لِلأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ وَالْوُضُوءِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: " كُنْتُ رَجُلا مَذَّاءً وَكُنْتُ أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ ".

وَلأَنَّهُ - كَمَا قَالَ الشِّيرَازِيُّ - خارِجٌ مِنْ سَبِيلِ الْحَدَثِ لا يُخْلَقُ مِنْهُ طَاهِرٌ فَهُوَ كَالْبَوْلِ. (٤)

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَذْيِ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الْغَسْلُ أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْغَسْلِ وَفِيهِ أَنَّ رِوَايَةَ الْغَسْلِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْفَرْجِ لَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَارِضْ رِوَايَةَ النَّضْحِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ مُعَارِضٌ فَالِاكْتِفَاءُ بِهِ صَحِيحٌ مُجْزِئٌ وَقَالَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ لَفْظُ فَتَرُشَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَصِيرُ إِلَى الْأَشَدِّ بِمُتَعَيَّنٍ بَلْ مُلَاحَظَةُ التَّخْفِيفِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْمَألُوفَةِ فَيَكُونُ مُجْزِئًا كَالْغَسْلِ انْتَهَى

قُلْتُ كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ هَذَا عِنْدِي محل تأمُّل , فتفكر. تحفة١١٥


(١) (ت) ١١٥ , (د) ٢١٠ , (جة) ٥٠٦
(٢) (حم) ١٦٠١٦ , (د) ٢١٠ , (جة) ٥٠٦ , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(٣) (ت) ١١٥ , (د) ٢١٠ , (جة) ٥٠٦ , (حم) ١٦٠١٦
(٤) الفتاوى الهندية ١/ ٤٦، والاختيار ١/ ٣٢، وأسهل المدارك ١/ ٦١، والمجموع ٢/ ١٤٤، وجواهر الإكليل ١/ ٩، والشرح الكبير ١/ ٥٦، والمهذب ١/ ٥٣، والمغني مع الشرح الكبير ١/ ١٦٠، ونيل الأوطار ١/ ٥١.