للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: (سَأَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ عن الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَلَاةُ , فَحَدَّثَنِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ:) (١) (أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ , فَقَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: لِي حَاجَةٌ , " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - يُنَاجِيهِ) (٢) (فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ) (٣) (فَمَا زَالَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ , ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى بِهِمْ (٤) ") (٥)


(١) (خ) ٦١٧
(٢) (م) ١٢٦ - (٣٧٦)
(٣) (خ) ٦١٦
(٤) فِي الْحَدِيثِ جَوَاز الْكَلَام بَعْد إِقَامَة الصَّلَاة لَا سِيَّمَا فِي الْأُمُور الْمُهِمَّة، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوه فِي غَيْر الْمُهِمّ , وَفِيهِ تَقْدِيم الْأَهَمّ فَالْأَهَمّ مِنْ الْأُمُور عِنْد اِزْدِحَامهَا , فَإِنَّهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - إِنَّمَا نَاجَاهُ بَعْد الْإِقَامَة فِي أَمْر مُهِمّ مِنْ أُمُور الدِّين مَصْلَحَته رَاجِحَة عَلَى تَقْدِيم الصَّلَاة , وَفِيهِ أَنَّ نَوْم الْجَالِس لَا يَنْقُض الْوُضُوء , وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَة الْمَقْصُودَة بِهَذَا الْبَاب، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيهَا عَلَى مَذَاهِب: أَحَدُهَا أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض لَمْ يُنْتَقَض، وَإِلَّا اُنْتُقِضَ , سَوَاء قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَعِنْده أَنَّ النَّوْم لَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسه , وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيل عَلَى خُرُوج الرِّيح , فَإِذَا نَامَ غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة غَلَبَ عَلَى الظَّنّ خُرُوج الرِّيح , فَجَعَلَ الشَّرْع هَذَا الْغَالِب كَالْمُحَقَّقِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُمَكِّنًا فَلَا يَغْلِب عَلَى الظَّنّ الْخُرُوج , (فَرْع) قَالَ الشَّافِعِيّ وَالْأَصْحَاب: لَا يُنْقَض الْوُضُوء بِالنُّعَاسِ , وَهُوَ السُّنَّة , قَالُوا: وَعَلَامَة النَّوْم أَنَّ فِيهِ غَلَبَة عَلَى الْعَقْل وَسُقُوط حَاسَّة الْبَصَر وَغَيْرهَا مِنْ الْحَوَاسّ، وَأَمَّا النُّعَاس فَلَا يَغْلِب عَلَى الْعَقْل , وَإِنَّمَا تَفْتُر فِيهِ الْحَوَاسّ مِنْ غَيْر سُقُوطهَا , وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَمْ نَعَسَ فَلَا وُضُوء عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ , وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّوْم وَشَكَّ هَلْ نَامَ مُمَكِّن الْمَقْعَدَة مِنْ الْأَرْض أَمْ لَا لَمْ يُنْقَض وُضُوءُهُ، وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَتَوَضَّأ , وَلَوْ نَامَ جَالِسًا ثُمَّ زَالَتْ أَلْيَتَاهُ أَوْ إِحْدَاهُمَا عَنْ الْأَرْض فَإِنْ زَالَتْ قَبْل الِانْتِبَاه اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مَضَى عَلَيْهِ لَحْظَة وَهُوَ نَائِم غَيْر مُمَكِّن الْمَقْعَدَة، وَإِنْ زَالَتْ بَعْد الِانْتِبَاه أَوْ مَعَهُ أَوْ شَكَّ فِي وَقْت زَوَالهَا لَمْ يُنْتَقَض وُضُوءُهُ وَلَوْ نَامَ مُمَكِّنًا مَقْعَدَته مِنْ الْأَرْض مُسْتَنِدًا إِلَى حَائِط أَوْ غَيْره لَمْ يُنْتَقَض وُضُوءُهُ سَوَاء كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَ الْحَائِط لَسَقَطَ أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَلَوْ نَامَ مُحْتَبِيًا فَإِنْ كَانَ أَلْحَم الْبَدَن بِحَيْثُ يَنْطَبِقَانِ لَمْ يُنْتَقَض. شرح النووي (ج ٢ / ص ٩٥)
(٥) (م) ١٢٤ - (٣٧٦) , (خ) ٥٩٣٤ , (س) ٧٩١ , (د) ٢٠١