اعْلَمْ أنه لا يجب عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الْغُسْلُ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ , وَلَا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ , إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي وَقْتِ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا.وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ علي , وابن مسعود , وابن عَبَّاسٍ , وَعَائِشَةَ - رضي الله عنهم - وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَمَالِكٍ , وَأَبِي حَنِيفَةَ , وَأَحْمَدَ. أ. هـوَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِنِ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ فَرْضٍ , فَهُوَ أَحْوَطُ. فتح٣٠٦قال النووي: وَرُوِيَ عَنِ ابن عمر , وابن الزُّبَيْرِ , وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ , وَرُوِيَ هذا أيضا عن علي , وابن عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ غُسْلًا وَاحِدًا.وَعَنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ قَالَا: تَغْتَسِلُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ دَائِمًا , وَاللهُ أَعْلَمُ.وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الاصلَ عدمُ الوجوب , فلا يجب إِلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِيجَابِهِ , وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ , فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ , فَاغْتَسِلِي " , وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَكْرَارُ الْغُسْلِ.وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا " أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ " , فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ , وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وَمَنْ قَبْلَهُ ضَعْفَهَا وَإِنَّمَا صَحَّ فِي هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا " أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - اسْتُحِيضَتْ , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ , فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي , فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ".قَالَ الشَّافِعِيُّ) بسم الله الرحمن الرحيم - صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهما - - صلى الله عليه وسلم - سدد خطاكم - رضي الله عنها - - رضي الله عنها - - صلى الله عليه وسلم -): إِنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أن تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّي , وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ , قَالَ: وَلَا شَكَّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ غُسْلَهَا كَانَ تَطَوُّعًا , غَيْرَ مَا أُمِرَتْ بِهِ , وَذَلِكَ وَاسِعٌ لَهَا.هَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ بِلَفْظِهِ , وَكَذَا قَالَ شَيْخُهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , وَغَيْرُهُمَا , وَعِبَارَاتُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ , وَاللهُ أَعْلَمُ.(٢) (د) ٢٩٩
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute