للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(جة) , وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ سُمَيٍّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنهما - الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الصَلَاةُ؟ , قَالَ: " كَانَتْ هَذِهِ صَلَاتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضي الله عنهما - فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ - رضي الله عنه -. (١)


(١) (جة) ٦٧١ , (حب) ١٤٩٦ , وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث: ٢٥٧، وصحيح موارد الظمآن: ٢٢٣،
وقال الألباني في الإرواء: إِلَّا أنه يُشكل في الظاهر قوله " أسفر بها عثمان " , لأن التغليس قد ورد عن عثمان من طرق فأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " (١/ ١٢٦ / ١) بسند صحيح عن أبي سلمان قال: " خدمت الركب في زمان عثمان فكان الناس يغلسون بالفجر " , لكن أبو سلمان هذا واسمه يزيد بن عبد الملك قال الدارقطني: " مجهول "، وفي التقريب: " مقبول " يعني عند المتابعة وقد وجدتها , فأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح أيضا عن عبد الله بن أياس الحنفي عن أبيه قال: " كنا نصلي مع عثمان الفجر فننصرف وما يعرف بعضنا وجوه بعض ".وعبد الله هذا وأبوه ترجمهما ابن أبي حاتم (١/ ١ / ٢٨ ٠، ٢/ ٢٨) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا , فهذه الطريق تقوي الطريق الأولى , وقد أشار الحافظ ابن عبد البر إلى تصحيح هذا الأثر عن عثمان ط. وهو ما نقله المؤلف / عنه أنه قال: " صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون ".فإذا ثبت ذلك عن عثمان , فالجمع بينه وبين اسفاره أن يحمل الإسفار على أول خلافته , فلما استقرت له الأمور رجع الى التغليس الذي يعرفه من سنته - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم.
(تنبيه) الذي يبدو للباحث ان الانصراف من صلاة الفجر في الغلس لم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - دائما بل كان ينوع فتارة ينصرف في الغلس كما هو صريح حديث عائشة المتقدم، وتارة ينصرف حين تتميز الوجوه وتتعارف ويحضرني الآن في ذلك حديثان:
الأول: حديث أبي برزة الأسلمي قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه " أخرجه الستة إِلَّا الترمذي والبيهقي وأحمد وقد خرجته في " صحيح أبي داود " (٤٢٦) وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة (١/ ١٢٥ / ١) والطحاوي (١/ ١٠٥) والسراج (ق ٩٩/ ١) واللفظ له.
الثاني: حديث أنس بن مالك يرويه شعبة عن أبي صدقة مولى أنس - وأثنى عليه شعبة خيرا - قال: " سالت أنسا عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى الظهر إذا زالت الشمس والعصر بين صلاتكم هاتين والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء إذا غاب الشفق والصبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر " أخرجه النسائي ولحديث أنس هذا طريق أخرى أخرجها السراج في مسنده فقال (ق ٩٢/ ١) " حدثنا عبيد الله بن جرير ثنا أمية بن بسطام ثنا معتمر بيان عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر عند دلوكها وكان يصلي العصر بين صلاتيهم: الظهر والعصر وكان يصلي المغرب عند غيوبها وكان يصلي العشاء - وهي التي يدعونها العتمة - إذا غاب الشفق وكان يصلي الغداة إذا طلع الفجر حين ينفسح البصر فما بين ذلك صلاته " , قلت: وهذا سند صحيح , وهذه الطريق قال الهيثمي (١/ ٣٠٤): " رواه أبو يعلى وإسناده حسن ".
وعزا الزيلعي (٢٣٩) الفقرة الأخيرة منه إلى الإمام أبي محمد القاسم بن ثابت السرقسطي من طريق محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر به بلفظ: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح حين يفسح البصر " وقال: " فقال: فسح البصر وانفسح إذا رأى الشئ عن بعد يعني به إسفار الصبح "
(تنبيه) هذا الحديث لَا سيما على رواية لفظ احمد دليل صريح لمشروعية الدخول في صلاة الفجر في الغلس والخروج منها في الاسفار وهذا هو معنى الحديث الآتي: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " وقد شرح هذا المعنى الإمام الطحاوي في " شرح المعاني " وبينه أتم البيان بما أظهر أنه لم يسبق إليه , واستدل عل ذلك ببعض الأحاديث والآثار وختم البحث بقوله: " فالذي ينبغي الدخول في الفجر في وقت التغليس والخروج منها في وقت الإسفار على موافقة ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه , وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى " , وقد فاته رحمه الله أصرح حديث يدل على هذا الجمع من فعله - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث أنس طقال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر " أخرجه أحمد بسند صحيح كما تقدم بيانه , وقال الزيلعي (١/ ٢٣٩): " هذا الحديث يبطل تأويلهم الإسفار بظهور الفجر، وهو كما قال رحمه الله. أ. هـ