للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م س جة حم) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فِي الصَّلَاةِ) (١) (قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ) (٢) (قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللهِ قَبْلَ عِبَادِهِ وفي رواية: (السَّلَامُ عَلَى اللهِ مِنْ عِبَادِهِ) (٣) السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ , السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ , السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ) (٤) (- يَعْنُونَ الْمَلَائِكَةَ - " فَسَمِعَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (٥) (ذَاتَ يَوْمٍ) (٦) (فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:) (٧) (لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللهِ , فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ (٨)) (٩) (فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ) (١٠) وفي رواية: (إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا:) (١١) (التَّحِيَّاتُ للهِ (١٢) وَالصَّلَوَاتُ (١٣) وَالطَّيِّبَاتُ (١٤) السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ (١٥) السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ) (١٦) (فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ , سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ) (١٧) (للهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وفي رواية: (أَصَابَتْ كُلَّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ أَوْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ عَبْدٍ صَالِحٍ) (١٨) أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) (١٩) (ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَلْيَدْعُ بِهِ رَبَّهُ - عزَّ وجل - (٢٠)) (٢١) وفي رواية: (ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الثَّنَاءِ مَا شَاءَ) (٢٢) وفي رواية: (ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنْ الْكَلَامِ مَا شَاءَ ") (٢٣)


(١) (س) ١٢٩٨ , (د) ٩٦٨ , (م) ٥٥ - (٤٠٢)
(٢) (س) ١٢٧٧
(٣) (خ) ٨٠٠ , (س) ١٢٩٨
(٤) (خ) ٥٨٧٦ , (م) ٥٥ - (٤٠٢) , (جة) ٨٩٩ , (س) ١٢٩٨
(٥) (جة) ٨٩٩ , (حم) ٣٦٢٢
(٦) (خ) ٥٩٦٩
(٧) (خ) ٥٨٧٦ , (س) ١٢٧٧ , (حم) ٣٩١٩
(٨) قَوْلُهُ: (إِنَّ الله هُوَ السَّلَام) قَالَ الْبَيْضَاوِيّ مَا حَاصِله: أَنَّهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَنْكَرَ التَّسْلِيم عَلَى الله , وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ عَكْس مَا يَجِب أَنْ يُقَال، فَإِنَّ كُلّ سَلَام وَرَحْمَة لَهُ وَمِنْهُ وَهُوَ مَالِكهَا وَمُعْطِيهَا.
وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: وَجْه النَّهْي عَنْ السَّلَام عَلَى الله لِأَنَّهُ الْمَرْجُوع إِلَيْهِ بِالْمَسَائِلِ الْمُتَعَالِي عَنْ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَة , فَكَيْف يُدْعَى لَهُ وَهُوَ الْمَدْعُوّ عَلَى الْحَالَات.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد أَنَّ الله هُوَ ذُو السَّلَام , فَلَا تَقُولُوا السَّلَام عَلَى الله , فَإِنَّ السَّلَام مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُود، وَمَرْجِع الْأَمْر فِي إِضَافَته إِلَيْهِ أَنَّهُ ذُو السَّلَام مِنْ كُلّ آفَة وَعَيْب , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَرْجِعهَا إِلَى حَظّ الْعَبْد فِيمَا يَطْلُبهُ مِنْ السَّلَامَة مِنْ الْآفَات وَالْمَهَالِك.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَام اِسْم مِنْ أَسْمَاء الله تَعَالَى، يَعْنِي السَّالِم مِنْ النَّقَائِص، وَيُقَال: الْمُسَلِّم أَوْلِيَاءَهُ ,
وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ: أَمَرَهُمْ أَنْ يَصْرِفُوهُ إِلَى الْخَلْق لِحَاجَتِهِمْ إِلَى السَّلَامَة وَغِنَاهُ ـ عَنْهَا. فتح الباري
(٩) (خ) ٨٠٠ , (س) ١١٦٩ , (م) ٥٥ - (٤٠٢) , (د) ٩٦٨
(١٠) (خ) ٥٨٧٦ , (م) ٥٥ - (٤٠٢) , (س) ١٢٧٧ , (حم) ٣٩١٩
(١١) (س) ١١٦٣ , (ت) ٢٨٩ , (حم) ٤١٦٠
(١٢) (التَّحِيَّات) جَمْع تَحِيَّة , قَالَ اِبْن قُتَيْبَة: لَمْ يَكُنْ يُحَيَّا إِلَّا الْمَلِك خَاصَّة، وَكَانَ لِكُلِّ مَلِك تَحِيَّة تَخُصّهُ فَلِهَذَا جُمِعَتْ، فَكَانَ الْمَعْنَى التَّحِيَّات الَّتِي كَانُوا يُسَلِّمُونَ بِهَا عَلَى الْمُلُوك كُلّهَا مُسْتَحَقَّة للهِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ ثُمَّ الْبَغَوِيُّ: وَلَمْ يَكُنْ فِي تَحِيَّاتهمْ شَيْء يَصْلُح لِلثَّنَاءِ عَلَى الله، فَلِهَذَا أُبْهِمَتْ أَلْفَاظهَا , وَاسْتُعْمِلَ مِنْهَا مَعْنَى التَّعْظِيم فَقَالَ: قُولُوا: التَّحِيَّات للهِ، أَيْ أَنْوَاع التَّعْظِيم لَهُ.
وَقَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون لَفْظ التَّحِيَّة مُشْتَرَكًا بَيْن الْمَعَانِي الْمُقَدَّم ذِكْرهَا، وَكَوْنهَا بِمَعْنَى السَّلَام أَنْسَب هُنَا. فتح الباري (ج ٣ / ص ٢٣٤)
(١٣) قَوْلُهُ: (وَالصَّلَوَات) قِيلَ الْمُرَاد الْخَمْس، أَوْ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْفَرَائِض وَالنَّوَافِل فِي كُلّ شَرِيعَة ,
وَقِيلَ: الْمُرَاد الْعِبَادَات كُلّهَا، وَقِيلَ: الدَّعَوَات، وَقِيلَ: الْمُرَاد الرَّحْمَة،
وَقِيلَ: التَّحِيَّات الْعِبَادَات الْقَوْلِيَّة , وَالصَّلَوَات الْعِبَادَات الْفِعْلِيَّة , وَالطَّيِّبَات الصَّدَقَات. فتح الباري (ج ٣ / ص ٢٣٤)
(١٤) قَوْلُهُ: (وَالطَّيِّبَات) أَيْ: مَا طَابَ مِنْ الْكَلَام وَحَسُنَ أَنْ يُثْنَى بِهِ عَلَى الله دُون مَا لَا يَلِيق بِصِفَاتِهِ مِمَّا كَانَ الْمُلُوك يُحَيُّونَ بِهِ، وَقِيلَ: الطَّيِّبَات ذِكْر الله، وَقِيلَ: الْأَقْوَال الصَّالِحَة كَالدُّعَاءِ وَالثَّنَاء، وَقِيلَ: الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَهُوَ أَعَمّ، قَالَ اِبْنُ دَقِيق الْعِيد: إِذَا حُمِلَت التَّحِيَّة عَلَى السَّلَام فَيَكُون التَّقْدِير التَّحِيَّات الَّتِي تُعَظَّم بِهَا الْمُلُوك مُسْتَمِرَّة للهِ،
وَإِذَا حُمِلَت عَلَى الْبَقَاء فَلَا شَكَّ فِي اِخْتِصَاص الله بِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُلْك الْحَقِيقِيّ وَالْعَظَمَة التَّامَّة،
وَإِذَا حُمِلَتْ الصَّلَاة عَلَى الْعَهْد أَوْ الْجِنْس كَانَ التَّقْدِير أَنَّهَا للهِ وَاجِبَة لَا يَجُوز أَنْ يُقْصَد بِهَا غَيْره،
وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الرَّحْمَة فَيَكُون مَعْنَى قَوْلُهُ " للهِ " أَنَّهُ الْمُتَفَضِّل بِهَا , لِأَنَّ الرَّحْمَة التَّامَّة للهِ يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاء.
وَإِذَا حُمِلَتْ عَلَى الدُّعَاء فَظَاهِر، وَأَمَّا الطَّيِّبَات فَقَدْ فُسِّرَتْ بِالْأَقْوَالِ، وَلَعَلَّ تَفْسِيرهَا بِمَا هُوَ أَعَمّ أَوْلَى فَتَشْمَل الْأَفْعَال وَالْأَقْوَال وَالْأَوْصَاف، وَطِيبهَا كَوْنهَا كَامِلَة خَالِصَة عَنْ الشَّوَائِب.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَوْلُهُ " للهِ " فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْإِخْلَاص فِي الْعِبَادَة، أَيْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْعَل إِلَّا للهِ،
وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ الِاعْتِرَاف بِأَنَّ مَلِك الْمُلُوك وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ كُلّه فِي الْحَقِيقَة للهِ تَعَالَى. فتح الباري
(١٥) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -: " عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ , السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ , السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ , أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " , وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا , فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلَامُ - يَعْنِي - عَلَى النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -. (خ) ٥٩١٠ , (حم) ٣٩٣٥
وقال الألباني في الإرواء تحت حديث٣٢١: (فائدة): قال الحافظ في (الفتح) (١١/ ٤٨): (هذه الزيادة ظاهرها أنهم كانوا يقولون: (السلام عليك أيها النبي)، بكاف الخطاب في حياة النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فلما مات النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - تركوا الخطاب وذكروه بلفظ الغيبة فصاروا يقولون: السلام على النبي) , وقال في مكان آخر (٢/ ٢٦٠): وأوردها المصنف فيما يأتي بدونهما , (قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - غير واجب فيقال: السلام على النبي). أ. هـ كلام الحافظ
قلت: قد صح بلا ريب وقد وجدت له متابعا قويا , قال عبد الرزاق: اخبرنا ابن جريج اخبرني عطاء (أن الصحابة كانوا يقولون والنبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - حي: السلام عليك أيها النبي فلما مات قالوا: السلام على النبي). وهذا إسناد صحيح , قلت: وقد وجدت له شاهدين صحيحين:
الأول: عن ابن عمر (أنه كان يتشهد فيقول ... السلام على النبي ورحمة الله وبركاته ...) أخرجه مالك في (الموطأ) (١/ ٩١ / ٩٤) عنه نافع عنه، وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
الثاني: (عن عاثشة أنها كانت تعلمهم التشهد في الصلاة ... السلام على النبي. رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) والسراج في مسنده , والمخلص في (الفوائد) , بسندين صحيحين عنها , ولا شك أن عدول الصحابة - رضي الله عنهم - من لفظ الخطاب (عليك) إلى لفظ الغَيْبة (على النبي) إنما بتوقيف من النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لأنه أمْرٌ تعبدي محض , لَا مجال للرأي والاجتهاد فيه، والله أعلم أ. هـ
(١٦) (خ) ٥٨٧٦ , (م) ٥٥ - (٤٠٢) , (س) ١٢٧٧ , (حم) ٣٩١٩
(١٧) (حم) ٤١٧٧ , (خ) ٥٩٦٩ , (م) ٥٥ - (٤٠٢) , (س) ١٢٩٨ , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(١٨) (حم) ٤٠١٧ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(١٩) (خ) ٧٩٧ , (م) ٥٥ - (٤٠٢) , (س) ١٢٧٧ , (ت) ٢٨٩
(٢٠) قال الألباني في الصحيحة ح٨٧٨: وفي الحديث فائدة هامة وهي مشروعية الدعاء في التشهد الأول , ولم أر من قال به من الأئمة غير ابن حزم , والصواب معه , وإن كان هو استدل بمطلقات يمكن للمخالفين ردُّها بنصوص أخرى مقيدة، أما هذا الحديث فهو في نفسه نص واضح مفسِّر لا يقبل التقييد، فرحم الله امرءا أنصف واتبع السنة.
والحديث دليل من عشرات الأدلة على أن الكتب المذهبية قد فاتها غير قليل من هدي خير البرية - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فهل في ذلك ما يحمل المتعصبة على الاهتمام بدراسة السنة والاستنارة بنورها؟! لعل وعسى. أ. هـ
(٢١) (حم) ٤١٦٠ , (خ) ٨٠٠ , (م) ٥٧ - (٤٠٢) , (س) ١٢٩٨ , (د) ٩٦٨ , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(٢٢) (خ) ٥٩٦٩
(٢٣) (خ) ٥٨٧٦ , (س) ١٢٧٩ , (حم) ٣٩٢٠