للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(طح) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " لِكُلِّ سُورَةٍ رَكْعَةٌ (١) " (٢)


(١) قال الألباني في (صفة الصلاة) (١/ ٣٩٨): ويحتمل أن معنى الحديث: لكل سورة ركعة؛ أي: سورة كاملة في كل ركعة؛ أي: فلا يقتصر على بعضها؛ بل عليه أن يُتِمَّها؛ ليكون حظ الركعة بها كاملاً.
وقد أشار إلى هذا المعنى وإلى الذي قبله ابنُ نصر؛ حيث بوب للحديث بقوله: (باب كراهة تقطيع السور، والجمع بين السور في ركعة)، ثم ساق هذا الحديث بألفاظه الثلاثة.
وبالجملة؛ فالحديث لا يحتمل إلا هذين المعنيين. وأنا إلى المعنى الثاني (*) أَمْيَلُ منه إلى الأول، وإن ذهب إليه من علمت؛ لأن أقواله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمكن فهمها فهماً صحيحاً، إلا ضمن أقواله الأخرى وأفعاله، وقد ذكرنا في الأصل أن الغالب من هديه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إتمام السورة؛ دون الاقتصار على بعضها إلا نادراً.
وعليه؛ فالحديث يدل على الكمال من القراءة، وهي السورة الكاملة.
واقتصاره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بعضها نادراً؛ إنما هو للدلالة على جواز ذلك مع الكراهة التنزيهية؛ لأنها خلاف الأفضل؛ ولكنه لا ينفي الزيادة على السورة، وأنها أكمل وأفضل.
كيف ذلك؛ وقد صح عنه أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ السورتين فأكثر في ركعة واحدة، وأنه كان يقول: " أفضل الصلاة طول القيام "! فهذا نص صريح في أن الصلاة كلما كان قيامها أطول - وإنما يكون ذلك بطول القراءة، وبضم السورة إلى الأخرى - كانت أفضل عند الله تعالى.
فإن لم نذهب إلى هذا المعنى الذي اخترناه، وذهبنا إلى المعنى الأول؛ تعارَض قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا مع الحديث الذي نتكلم عليه، وقد تقرر في الأصول أنه: يجب الجمع بين الحديثين الصحيحين ما أمكن ذلك. وهذا لا يمكن إلا بهذا الوجه. والله تعالى أعلم. أ. هـ