وقال الألباني: وروى البيهقي بإسناد صحيح عن أبي زهير معاوية بن حديج قال: " رأيت طاووسا يقعي، فقلت: رأيتك تقعي! قال: ما رأيتني أقعي؟! ولكنها الصلاة، رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك عبد الله بن عباس , وعبد الله بن عمر , وعبد الله بن الزبير يفعلونه. قال أبو زهير: وقد رأيته يقعي ". قلت: ففي الحديث وهذه الآثار دليل على شرعية الإقعاء المذكور، وأنه سنة يتعبد بها , وليست للعذر كما زعم بعض المتعصبة، وكيف يكون كذلك وهؤلاء العبادلة اتفقوا على الإتيان به في صلاتهم، وتبعهم طاووس التابعي الفقيه الجليل , وقال الإمام أحمد في " مسائل المروزي " (١٩): " وأهل مكة يفعلون ذلك ". فكفى بهم سلفا لمن أراد أن يعمل بهذه السنة ويحييها , ولَا منافاة بينها وبين السنة الأخرى وهي الافتراش، بل كلٌ سنة، فيفعل تارة هذه، وتارة هذه، اقتداء به - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وحتى لَا يضيع عليه شيء من هديه عليه الصلاة والسلام. أ. هـ وقال الألباني في الإرواء تحت حديث ٣١٦: وأما أحاديث النهي عن الإقعاء فلا يجوز التمسك بها لمعارضة هذه السنة لأمور: الأول: إنها كلها ضعيفة معلولة. الثاني: أنها إن صحت أو صح ما اجتمعت عليه فإنها تنص على النهي عن إقعاء كإقعاء الكلب , وهو شيء آخر غير الإقعاء المسنون , كما بيناه في (تخريج صفة الصلاة). الثالث: أنها تُحمل على الإقعاء في المكان الذي لم يُشرع فيه هذا الإقعاء المسنون كالتشهد الأول والثاني , وهذا مما يفعله بعض الجهال , فهذا منهي عنه قطعا , لأنه خلاف سنة الافتراش في الأول والتورك في الثاني , على ما فصَّله حديث أبي حميد المتقدم والله أعلم. أ. هـ