(٢) (م) ٢٧٤٩ , (حم) ١٣٥١٨(٣) قَالَ الطِّيبِيُّ: لَيْسَ الْحَدِيثُ تَسْلِيَةً لِلْمُنْهَمِكِينَ فِي الذُّنُوبِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللهِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا بُعِثُوا لِيَرْدَعُوا النَّاسَ عَنْ غِشْيَانِ الذُّنُوبِ، بَلْ بَيَانٌ لِعَفْوِ اللهِ تَعَالَى وَتَجَاوُزِهِ عَنْ الْمُذْنِبِينَ , لِيَرْغَبُوا فِي التَّوْبَةِ , وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ اللهَ كَمَا أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْسِنِينَ, أَحَبَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ الْمُسِيئِينَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ: الْغَفَّارُ , الْحَلِيمُ , التَّوَّابُ , الْعَفُوُّ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْعَلَ الْعِبَادَ شَانًا وَاحِدًا كَالْمَلَائِكَةِ مَجْبُولِينَ عَلَى التَّنَزُّهِ مِنْ الذُّنُوبِ , بَلْ يَخْلُقُ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ بِطَبْعِهِ مَيَّالًا إِلَى الْهَوَى , مُتَلَبِّسًا بِمَا يَقْتَضِيهِ , ثُمَّ يُكَلِّفُهُ التَّوَقِّيَ عَنْهُ , وَيُحَذِّرُهُ مِنْ مُدَانَاتِهِ , وَيُعَرِّفُهُ التَّوْبَةَ بَعْدَ الِابْتِلَاءِ فَإِنْ وَفَّى فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَإِنْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ , فَالتَّوْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ أَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ مَجْبُولِينَ عَلَى مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ , لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ يَتَأَتَّى مِنْهُمْ الذَّنْبُ , فَيَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْغَفَّارَ يَسْتَدْعِي مَغْفُورًا , كَمَا أَنَّ الرَّزَّاقَ يَسْتَدْعِي مَرْزُوقًا. تحفة الأحوذي (٦/ ٣١٧)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute