للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م حم) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَوْ أَخْطَاتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتُمُ اللهَ لَغَفَرَ لَكُمْ) (١) (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ , فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ") (٢)

الشرح (٣)


(١) (حم) ١٣٥١٨ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ٥٢٣٥ , الصَّحِيحَة: ١٩٥١
(٢) (م) ٢٧٤٩ , (حم) ١٣٥١٨
(٣) قَالَ الطِّيبِيُّ: لَيْسَ الْحَدِيثُ تَسْلِيَةً لِلْمُنْهَمِكِينَ فِي الذُّنُوبِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللهِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا بُعِثُوا لِيَرْدَعُوا النَّاسَ عَنْ غِشْيَانِ الذُّنُوبِ، بَلْ بَيَانٌ لِعَفْوِ اللهِ تَعَالَى وَتَجَاوُزِهِ عَنْ الْمُذْنِبِينَ , لِيَرْغَبُوا فِي التَّوْبَةِ , وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ اللهَ كَمَا أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْسِنِينَ, أَحَبَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ الْمُسِيئِينَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ: الْغَفَّارُ , الْحَلِيمُ , التَّوَّابُ , الْعَفُوُّ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْعَلَ الْعِبَادَ شَانًا وَاحِدًا كَالْمَلَائِكَةِ مَجْبُولِينَ عَلَى التَّنَزُّهِ مِنْ الذُّنُوبِ , بَلْ يَخْلُقُ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ بِطَبْعِهِ مَيَّالًا إِلَى الْهَوَى , مُتَلَبِّسًا بِمَا يَقْتَضِيهِ , ثُمَّ يُكَلِّفُهُ التَّوَقِّيَ عَنْهُ , وَيُحَذِّرُهُ مِنْ مُدَانَاتِهِ , وَيُعَرِّفُهُ التَّوْبَةَ بَعْدَ الِابْتِلَاءِ فَإِنْ وَفَّى فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَإِنْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ , فَالتَّوْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ أَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ مَجْبُولِينَ عَلَى مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ , لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ يَتَأَتَّى مِنْهُمْ الذَّنْبُ , فَيَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْغَفَّارَ يَسْتَدْعِي مَغْفُورًا , كَمَا أَنَّ الرَّزَّاقَ يَسْتَدْعِي مَرْزُوقًا. تحفة الأحوذي (٦/ ٣١٧)