للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ش) , وَعَنْ الرَّبِيعِ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاكِبًا , كُلُّهُمْ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَغَزَا مَعَهُ , فَحَضَرَتْ الصَّلَاة , فَتَدَافَعَ الْقَوْمُ , فَتَقَدَّمَ شَابٌّ مِنْهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ سَلْمَانُ - رضي الله عنه -: مَا لَنَا وَلِلْمَرْبُوعَةِ؟، يَكْفِينَا نِصْفُ الْمَرْبُوعَةِ، نَحْنُ إلَى التَّخْفِيفِ أَفْقَرُ (١) فَقَالُوا: تَقَدَّمْ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ فَصَلِّ بِنَا، فَقَالَ: أَنْتُمْ بَنُو إسْمَاعِيلَ الأَئِمَّةُ، وَنَحْنُ الْوُزَرَاءُ. (٢)


(١) قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٢١):
فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ لَمْ تَكُنْ إِبَاحَةَ الْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِة.
فَإِنْ قَالَ قَائِلُ: فَقَدْ أَتَمَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدَّمَهُ سَلْمَانُ , وَالْمِسْوَرُ - رضي الله عنه - وَهُمَا صَحَابِيَّانِ , فَقَدْ ضَادَّ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَلْمَانُ - رضي الله عنه - وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى تَرْكِ الْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ.
قِيلَ لَهُ: مَا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ , لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمِسْوَرُ وَذَلِكَ الرَّجُلُ أَتَمَّا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا يَرَيَانِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ قَصْرًا , لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا أَنْ لَا تُقْصَرَ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَجٍّ , أَوْ عَمْرَةٍ , أَوْ غَزَاةٍ , فَإِنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ غَيْرُهُمَا.
فَلَمَّا احْتَمَلَ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا مَا ذَكَرْنَا , وَقَدْ ثَبَتَ التَّقْصِيرُ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ مُضَادًّا لَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ , إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ , وَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رضي الله عنه - فَقَدْ صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعًا , فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - وَمَنْ أَنْكَرَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَإِنْ كَانَ عُثْمَانُ إِنَّمَا فَعَلَهُ لِمَعْنًى رَأَى بِهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ.
فَلَمَّا كَانَ الَّذِي ثَبَتَ لَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَعَنْ أَصْحَابِهِ هُوَ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ لَا إِتْمَامُهَا , لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُخَالِفَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - شَيْئًا يَدُلُّكُمْ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ , فَيَكُونُ ذَلِكَ قَاطِعًا لَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُكُمْ؟.
قُلْنَا: نَعَمْ. أ. هـ
(٢) (ش) ٨١٦١ , (عب) ٤٢٨٣ , (هق) ٥٢٢٤ , وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث: ١٨٧٤