(٢) أَيْ أَنَّ قَوْلَك هَذَا لَيْسَ لِنَفْسِك , لِأَنَّك فِي عِصْمَةٍ مِنْ الْخَطَأِ وَالزَّلَّةِ، خُصُوصًا مِنْ تَقَلُّبِ الْقَلْبِ عَنْ الدِّينِ وَالْمِلَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْ زَوَالِ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ؟ , أَوْ الِانْتِقَالِ مِنْ الْكَمَالِ إِلَى النُّقْصَانِ؟.تحفة (٥/ ٤٢٨)(٣) (جة) ٣٨٣٤(٤) (ت) ٢١٤٠(٥) (م) ٢٦٥٤(٦) (ت) ٢١٤٠(٧) (جة) ٣٨٣٤(٨) (حم) ٦٥٦٩ , (م) ٢٦٥٤(٩) فِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْقَلْبِ مِنْ الْإِرَادَات , وَالدَّوَاعِي , وَسَائِر الْأَعْرَاضِ بِخَلْقِ الله تَعَالَى.قَالَ الرَّاغِب: تَقْلِيبُ اللهِ الْقُلُوبَ وَالْأَبْصَار: صَرْفهَا عَنْ رَأيٍ إِلَى رَأيٍ، وَالتَّقَلُّبُ التَّصَرُّف، قَالَ تَعَالَى {أَوْ يَأخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} قَالَ: وَسُمِّيَ قَلْبُ الْإِنْسَانِ لِكَثْرَةِ تَقَلُّبِهِ.وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: الْقَلْب جُزْء مِنْ الْبَدَن , خَلَقَهُ الله , وَجَعَلَهُ لِلْإِنْسَانِ مَحَلّ الْعِلْم وَالْكَلَام , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الصِّفَات الْبَاطِنَة، وَجَعَلَ ظَاهِر الْبَدَن مَحَلَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ، وَوَكَّلَ بِهَا مَلَكًا يَأمُر بِالْخَيْرِ , وَشَيْطَانًا يَأمُر بِالشَّرِّ، فَالْعَقْل بِنُورِهِ يَهْدِيهِ , وَالْهَوَى بِظُلْمَتِهِ يُغْوِيهِ , وَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ مُسَيْطِرٌ عَلَى الْكُلِّ , وَالْقَلْبُ يَتَقَلَّبُ بَيْن الْخَوَاطِر الْحَسَنَة وَالسَّيِّئَة , وَاللَّمَّة مِنْ الْمَلَك تَارَةً وَمِنْ الشَّيْطَان أُخْرَى , وَالْمَحْفُوظُ مَنْ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى. فتح الباري (١٨/ ٤٨٣)وَمَعْنَى قَوْله تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} أَيْ: نُصَرِّفُهَا بِمَا شِئْنَا , كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيّ: مَعْنَاهُ نَطْبَعُ عَلَيْهَا فَلَا يُؤْمِنُونَ , وَالطَّبْع عِنْدهمْ: التَّرْك، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: " نَتْرُكُهُمْ وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ ".وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى التَّقْلِيب فِي لُغَة الْعَرَب؛ وَلِأَنَّ اللهَ تَمَدَّحَ بِالِانْفِرَادِ بِذَلِكَ، وَلَا مُشَارَكَة لَهُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الطَّبْع بِالتَّرْكِ , فَالطَّبْعُ عِنْد أَهْل السُّنَّة: خَلْقُ الْكُفْرِ فِي قَلْبِ الْكَافِرِ , وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَمُوت.فَمَعْنَى الْحَدِيث: أَنَّ الله يَتَصَرَّف فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ , لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا , وَلَا تَفُوتُهُ إِرَادَة.وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: فِي نِسْبَة تَقَلُّب الْقُلُوبِ إِلَى الله إِشْعَار بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قُلُوبَ عِبَاِده وَلَا يَكِلُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِه، وَفِي دُعَائِهِ - صلى الله عليه وسلم - " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك " إِشَارَةٌ إِلَى شُمُولِ ذَلِكَ لِلْعِبَادِ , حَتَّى الْأَنْبِيَاء , وَرَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّم أَنَّهُمْ يُسْتَثْنَوْنَ مِنْ ذَلِكَ، وَخَصَّ نَفْسَهُ بِالذِّكْرِ إِعْلَامًا بِأَنَّ نَفْسَهُ الزَّكِيَّةَ إِذَا كَانَتْ مُفْتَقِرَةً إِلَى أَنْ تَلْجَأ إِلَى اللهِ سُبْحَانه , فَافْتِقَارُ غَيْرِهَا مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٤٦٤)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute