للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م د) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ , فَأَصَبْنَا سَبْيًا (١) مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ , فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ) (٢) (وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ (٣) وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ (٤) فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ بِهِنَّ) (٥) (وَلَا يَحْمِلْنَ , فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ , فَقُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ؟ , فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ) (٦) (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا , وَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ , فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ؟) (٧) (فَقَالَ: " وَمَا ذَاكُمْ؟ " , فَقُلْنَا: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ , فَيُصِيبُ مِنْهَا, وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ ,

وَالرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْأَمَةُ , فَيُصِيبُ مِنْهَا وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ) (٨) (وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى (٩) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " كَذَبَتْ يَهُودُ (١٠)) (١١) (إِذَا أَرَادَ اللهُ خَلْقَ شَيْءٍ , لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ) (١٢) وفي رواية: (لَيْسَتْ نَسَمَةٌ (١٣) كَتَبَ اللهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ) (١٤) (فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ (١٥) فلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ (١٦) وَمَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ ") (١٧)


(١) السَّبْي: الأسرى من النساء والأطفال.
(٢) (خ) ٢٤٠٤
(٣) أَيْ: اِحْتَجْنَا إِلَى الْوَطْء. (النووي - ج ٥ / ص ١٦٤)
(٤) أَيْ: خِفْنَا مِنْ الْحَبَل , فَتَصِيرَ أُمُّ وَلَدْ يَمْتَنِعُ عَلَيْنَا بَيْعُهَا وَأَخَذُ الْفِدَاءِ فِيهَا , فَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ مَنْعُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَد , وَأَنَّ هَذَا كَانَ مَشْهُورًا عِنْدهمْ. (النووي ٥/ ١٦٤)
(٥) (م) ١٤٣٨
(٦) (خ) ٣٩٠٧ , (م) ١٤٣٨
(٧) (خ) ٢١١٦
(٨) (م) ١٤٣٨ , (س) ٣٣٢٧
(٩) الْوَأدُ: دَفْنُ الْبِنْتِ حَيَّةً، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الفقرِ وَالْعَارِ , قَالَهُ النَّوَوِيُّ , وَالْمَعْنَى أَنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ الْعَزْلَ نَوْعٌ مِنْ الْوَأدِ , لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةً للنُّطْفَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللهُ تَعَالَى لِيَكُونَ مِنْهَا الْوَلَدُ , وَسَعْيًا فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ بِعَزْلِهَا عَنْ مَحِلِّهَا. تحفة الأحوذي - (ج ٣ / ص ٢١٠)
(١٠) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَزْل , وَلَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي حَدِيثِ جُدَامَة: أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْعَزْل , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" ذَلِكَ الْوَأدُ الْخَفِيّ ", أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَجُمِعَ بَيْنهمَا بِأَنَّ مَا فِي حَدِيثِ جُدَامَةَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيه , وَتَكْذِيبُ الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا التَّحْرِيمَ الْحَقِيقِيّ.
وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم: الَّذِي كَذَّبَ فِيهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَهُودُ هُوَ زَعْمُهُمْ أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ الْحَمْلُ أَصْلًا , وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ قَطْعِ النَّسْلِ بِالْوَأدِ , فَأَكْذَبَهُمْ , وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْحَمْلَ إِذَا شَاءَ اللهُ خَلْقَه , وَإِذَا لَمْ يُرِدْ خَلْقَهُ لَمْ يَكُنْ وَأدًا حَقِيقَة، وَإِنَّمَا أَسْمَاهُ وَأدًا خَفِيًّا فِي حَدِيثِ جُدَامَةَ بِأَنَّ الرَّجُل َإِنَّمَا يَعْزِلُ هَرَبًا مِنْ الْحَمْل , فَأَجْرَى قَصْدَهُ لِذَلِكَ مَجْرَى الْوَأد , لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَأدَ ظَاهِرٌ بِالْمُبَاشَرَةِ , اِجْتَمَعَ فِيهِ الْقَصْدُ وَالْفِعْل، وَالْعَزْلُ يَتَعَلَّقُ بِالْقَصْدِ فَقَطْ , فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَفِيًّا. عون المعبود - (ج ٥ / ص ٥٥)
(١١) (د) ٢١٧١ , (ت) ١١٣٦
(١٢) (م) ١٤٣٨ , (حم) ١١٤٥٦ , (ت) ١١٣٦
(١٣) أَيْ: نَفْس. فتح الباري (ج ٨ / ص ٨)
(١٤) (خ) ٢١١٦
(١٥) أَيْ: الْمُؤَثِّرُ فِي وُجُودِ الْوَلَدِ وَعَدَمِهِ هو الْقَدَرُ , لَا الْعَزْل , فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَيْهِ. شرح سنن النسائي - (ج ٥ / ص ٣٤)
(١٦) مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي تَرْكِ الْعَزْل , لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ قَدَّرَ اللهُ تَعَالَى خَلْقَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَخْلُقَهَا , سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا , وَمَا لَمْ يُقَدِّرْ خَلْقَهَا لَا يَقَع , سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا , فَلَا فَائِدَةَ فِي عَزْلكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ تَعَالَى قَدَّرَ خَلْقَهَا سَبَقَكُمْ الْمَاء , فَلَا يَنْفَعُ حِرْصُكُمْ فِي مَنْعِ الْخَلْق. شرح النووي على مسلم - (ج ٥ / ص ١٦٤)
(١٧) (م) ١٤٣٨ , (حم) ١١٤٥٦ , (ت) ١١٣٦