(٢) (الغَرْب) بسكون الراء: الدَّلو العظيمة التي تُتَّخَذ من جِلْد ثَوْرٍ , فإذا فُتِحَت الرَّاء فهو الماء السَّائل بين البِئر والحوض. النهاية في غريب الأثر - (٣/ ٦٥٧) (٣) (ش) ١٠٠٨٤ , (عب) ٧٢٣٩ , (هق) ٧٢٧٨ , (قط) ج٢/ص١٣٠ ح٩ , انظر الصحيحة: ١٤٢ قال الألباني: وإنما أوردت هذه الرواية بصورة خاصة لقوله في صدرها: " على المؤمنين " , ففيه فائدة هامة لا توجد في سائر الروايات. قال البيهقي: " وفيه كالدلالة على أنها لا تؤخذ من أهل الذمة ". قلت: وكيف تؤخذ منهم وهم على شِركهم وضلالهم , فالزكاة لا تزكيهم , وإنما تزكي المؤمن المزكِّي من درن الشرك كما قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها , وصل عليهم إن صلاتك سَكَن لهم}. فهذه الآية تدل دلالة ظاهرة على أن الزكاة إنما تؤخذ من المؤمنين , لكن الحديث أصرح منها دلالة على ذلك ... وإن من يدرس السيرة النبوية , وتاريخ الخلفاء الراشدين وغيرهم من خلفاء المسلمين وملوكهم يعلم يقينا أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين من المواطنين , وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة. فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة , والعدالة الاجتماعية تارة , فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة وجرى عليه عمل المسلمين بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة , ومن جهة أخرى يُثبتون ما لم يكونوا يعرفون , بل ما جاء النص بنفيه. والأمثلة على ذلك كثيرة , وحسبنا الآن هذه المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية الكريمة , فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون: بجواز أن تأخذ الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين على اختلاف أديانهم , مؤمنهم وكافرهم , ثم توزع على فقرائهم دون أي تفريق , ولقد سمعت منذ أسابيع معنى هذا من أحد كبار المشايخ في ندوة تلفزيونية كان يتكلم فيها عن الضمان الاجتماعي في الإسلام , ومما ذكره أن الاتحاد القومي سيقوم بجمع الزكاة من جميع أغنياء المواطنين. وتوزيعها على فقرائهم! , فقام أحد الحاضرين أمامه في الندوة وسأله عن المستند في جواز ذلك , فقال: لما عقدنا جلسات الحلقات الاجتماعية اتخذنا في بعض جلساتها قرارا بجواز ذلك اعتمادا على مذهب من المذاهب الإسلامية وهو المذهب الشيعي. وأنا أظن أنه يعني المذهب الزيدي. وهنا موضع العبرة , لقد أعرض هذا الشيخ ومن رافقه في تلك الجلسة عن دلالة الكتاب والسنة واتفاق السلف على أن الزكاة خاصة بالمؤمنين , واعتمد في خلافهم على المذهب الزيدي! , وهل يدري القارىء الكريم ما هو السبب في ذلك؟ , ليس هو إلا موافقة بعض الحكام على سياستهم الاجتماعية والاقتصادية , وليتها كانت على منهج إسلامي , إذن لهان الأمر بعض الشيء في هذا الخطأ الجزئي , ولكنه منهج غير إسلامي , بل هو قائم على تقليد بعض الأوربيين الذين لا دين لهم! , والإعراض عن الاستفادة من شريعة الله تعالى التي أنزلها على قلب محمد - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لتكون نورا وهداية للناس في كل زمان ومكان , فإلى الله المشتكى من علماء السوء والرسوم الذين يؤيدون الحكام الجائرين بفتاويهم المنحرفة عن جادة الإسلام وسبيل المسلمين , والله عز وجل يقول: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّه ما تولى ونُصْلِه جهنم وساءت مصيرا}. هذا , وفي الحديث قاعدة فقهية معروفة , وهي أن زكاة الزرع تختلف باختلاف المؤنة والكلفة عليه , فإن كان يُسقى بماء السماء والعيون والأنهار فزكاته العشر , وإن كان يُسقى بالدلاء والنواضح (الإرتوازية) ونحوها فزكاته نصف العشر. ولا تجب هذه الزكاة في كل ما تنتجه الأرض ولو كان قليلا , بل ذلك مقيد بنصاب معروف في السنة , وفي ذلك أحاديث معروفة. أ. هـ