وقال في الصَّحِيحَة ح٦١٥: إذا ثبت الحديث عن رسول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فقد أشكل على بعض العلماء، فتأوله أبو داود بقوله: " ومَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلَاةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا صَوَّبَ اللهُ رَأسَهُ فِي النَّارِ. وذهب الطحاوي إلى أنه منسوخ، واحتج بأن عروة بن الزبير - وهو أحد رواة الحديث - قد ورد عنه أنه قطع السدر , ثم روى ذلك بإسناده عنه , وأخرجه أبو داود (٥٢٤١) بأتم منه من طريق حسان بن إبراهيم قال: سألت هشام بن عروة عن قطع السدر وهو مستند إلى قصر عروة , فقال: أترى هذه الأبواب والمصاريع؟ , إنما هي من سدر عروة، كان عروة يقطعه من أرضه. وقال: لَا بأس به. قلت: وإسناده جيد , وهو صريح في أن عروة كان يرى جواز قطع السدر. قال الطحاوي: " لأن عروة مع عدالته وعلمه وجلالة منزلته في العلم , لَا يدع شيئا قد ثبت عنده عن النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - إلى ضده إِلَّا لما يوجب ذلك له، فثبت بما ذكرنا نسخ الحديث " , قلت: وأولى من ذلك كله عندي أن الحديث محمول على قطع سدر الحرم كما أفادته زيادة الطبراني في حديث عبد الله بن حبشي، وبذلك يزول الإشكال , والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. أ. هـ