(٢) أَيْ: لَيْسَ حَالُنَا كَحَالِك. (فتح الباري) ح٢٠(٣) (خ) ٢٠ , (حم) ٢٤٣٣٤(٤) (حم) ٢٤٣٦٤ , (خ) ٢٠(٥) الْمَعْنَى: كَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُل عَلَيْهِمْ دُون مَا يَشُقُّ خَشْيَةَ أَنْ يَعْجِزُوا عَنْ الدَّوَام عَلَيْهِ، وَعَمِلَ هُوَ بِنَظِيرِ مَا يَأمُرهُمْ بِهِ مِنْ التَّخْفِيف، طَلَبُوا مِنْهُ التَّكْلِيفَ بِمَا يَشُقّ، لِاعْتِقَادِهِمْ اِحْتِيَاجَهُمْ إِلَى الْمُبَالَغَة فِي الْعَمَلِ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ دُونَه، فَيَقُولُونَ: " لَسْنَا كَهَيْئَتِك " , فَيَغْضَبُ مِنْ جِهَة أَنَّ حُصُولَ الدَّرَجَات لَا يُوجِبُ التَّقْصِيرَ فِي الْعَمَل، بَلْ يُوجِبُ الِازْدِيَادَ , شُكْرًا لِلْمُنْعِمِ الْوَهَّاب , كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيث الْآخَر: " أَفَلَا أَكُون عَبْدًا شَكُورًا ". وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُل عَلَيْهِمْ لِيُدَاوِمُوا عَلَيْهِ , كَمَا فِي الْحَدِيث الْآخَر: " أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُه ".وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد: الْأُولَى: أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْكَرَامِيَّة: إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ فَقَطْ.وَدَلِيلًا عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَان وَنُقْصَانِه , لِأَنَّ قَوْلَه - صلى الله عليه وسلم -: " أَنَا أَعْلَمكُمْ بِاللهِ " ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِاللهِ دَرَجَات، وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْض، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَات , وَالْعِلْمُ بِاللهِ يَتَنَاوَلُ مَا بِصِفَاتِهِ , وَمَا بِأَحْكَامِهِ , وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ حَقًّا. الثَّانِيَة: الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ الشَّارِعُ مِنْ عَزِيمَةٍ وَرُخْصَة، وَاعْتِقَادُ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَرْفَقِ الْمُوَافِق لِلشَّرْعِ , أَوْلَى مِنْ الْأَشَقِّ الْمُخَالِف لَهُ.الثَّالِثَة: أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْعِبَادَةِ الْقَصْدُ وَالْمُلَازَمَة، لَا الْمُبَالَغَة الْمُفْضِيَةُ إِلَى التَّرْك.الرَّابِعَة: التَّنْبِيه عَلَى شِدَّةِ رَغْبَة الصَّحَابَة فِي الْعِبَادَة , وَطَلَبِهِمْ الِازْدِيَادَ مِنْ الْخَيْر.الْخَامِسَة: جَوَازُ تَحَدُّثِ الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ عِنْد الْأَمْنِ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَالتَّعَاظُم.السَّادِسَة: بَيَانُ أَنَّ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رُتْبَة الْكَمَالِ الْإِنْسَانِيّ , لِأَنَّهُ مُنْحَصِر فِي الْحِكْمَتَيْنِ: الْعِلْمِيَّة , وَالْعَمَلِيَّة، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: " أَعْلَمكُمْ " وَإِلَى الثَّانِيَة بِقَوْلِهِ: " أَتْقَاكُمْ ". (فتح الباري) ح٢٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute