للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قَالَ: " شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ: رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ (١) " (٢)


(١) قَدْ يَنْتُجُ عَنْ تَوَاصُلِ الْغَيْمِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ قَبْلَ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ عَنْ عَدَمِ التَّحَرِّي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ خَطَأٌ فِي بِدَايَةِ رَمَضَانَ , وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إفْطَارُ يَوْمٍ مِنْهُ , أَوْ خَطَأٌ فِي بِدَايَةِ شَوَّالٍ , وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إفْطَارُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ صِيَامُ يَوْمِ الْعِيدِ , أَوْ خَطَأٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ , وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ , وَهَذَا أَخْطَرُهَا.
وَقَدْ اسْتَنَدَ الْقَائِلُونَ بِصِحَّةِ الْوُقُوفِ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ إلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ: شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ}. وَفَهِمُوا مِنْهُ أَنَّ الْخَطَأَ فِي الْوَقْفَةِ لَا يُنْقِصُ أَجْرَهَا , وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا يُفْسِدُهَا ,
قَالَ الطِّيبِيُّ: ظَاهِرُ سِيَاقِ الْحَدِيثِ بَيَانُ اخْتِصَاصِ الشَّهْرَيْنِ بِمَزِيَّةٍ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الشُّهُورِ , وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ثَوَابَ الطَّاعَةِ فِي غَيْرِهِمَا يَنْقُصُ , وَإِنَّمَا الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَمَّا عَسَى أَنْ يَقَعَ فِيهِ خَطَأٌ فِي الْحُكْمِ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعِيدَيْنِ وَجَوَازِ احْتِمَالِ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِيهِمَا ,
وقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَيْنِيُّ: " قَالَتْ طَائِفَةٌ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بِخَطَأٍ شَامِلٍ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ فِي يَوْمٍ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ , عَنْهُ , وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ , وَاحْتَجَّ أَصْحَابُهُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِصِيَامِ مَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ , وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقَعَ صِيَامُهُ قَبْلَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ ". وَإِلَى نَفْسِ هَذَا الرَّأيِ ذَهَبَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ: " إنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ حَاصِلٌ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ , سَوَاءٌ صَادَفَ الْوُقُوفُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ فِي ابْتِغَاءِ الْهِلَالِ " ,
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " الْحَدِيثُ يُطَمْئِنُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَوْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا اجْتِهَادًا ".
وَنَظَرًا إلَى أَنَّ حُصُولَ النَّقْصِ فِي رَمَضَانَ وَاضِحٌ , وَفِي ذِي الْحِجَّةِ غَيْرُ وَاضِحٍ لِوُقُوعِ الْمَنَاسِكِ فِي أَوَّلِهِ فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْعَيْنِيُّ بِقَوْلِهِ: " قَدْ تَكُونُ أَيَّامُ الْحَجِّ مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالنُّقْصَانِ مِثْلَ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ , بِأَنْ يُغَمَّى هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ وَيَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ أَوْ نُقْصَانِهِ فَيَقَعُ عَرَفَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ أَوْ الْعَاشِرِ مِنْهُ , فَمَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَ الْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ فِي مِثْلِهِ لَا يَنْقُصُ عَمَّا لَا غَلَطَ فِيهِ " , وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ إنْ أَخْطَئُوا وَوَقَفُوا بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَوْمِ النَّحْرِ يُجْزِيهِمْ , وَإِنْ قَدَّمُوا الْوُقُوفَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَعَادُوا الْوُقُوفَ مِنْ الْغَدِ وَلَمْ يُجْزِهِمْ. (الموسوعة الفقهية)
(٢) (م) ٣١ - (١٠٨٩) , (خ) ١٨١٣ , (ت) ٦٩٢ , (حم) ٢٠٤١٥