للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م س جة حم) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: (" مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (١) (أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [وَنَحْنُ] عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا) (٢) (لَيْلَةَ النَّحْرِ , وَعَلَيْنَا سَوَادٌ مِنْ اللَّيْلِ , فَجَعَلَ يَضْرِبُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ:) (٣) (يَا بَنِيَّ أَفِيضُوا) (٤) (تَعَجَّلُوا قَبْلَ زِحَامِ النَّاسِ , وَلَا يَرْمِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْعَقَبَةَ وفي رواية: (الْجَمْرَةَ) (٥) حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ") (٦) (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا إِخَالُ أَحَدًا يَرْمِي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ (٧)) (٨).

وفي رواية: (" بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (٩) (لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ) (١٠) (بِسَحَرٍ) (١١) (وَقَالَ: لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ") (١٢) قَالَ: (فَصَلَّيْنَا الصُّبْحَ بِمِنًى , وَرَمَيْنَا الْجَمْرَةَ (١٣)) (١٤).


(١) (حم) ٣٠٠٥ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) (جة) ٣٠٢٥ , (س) ٣٠٦٤ , (حب) ٣٨٦٩
(٣) (حم) ٣٠٠٥ , (س) ٣٠٦٤ , (د) ١٩٤٠ , (ش) ١٤٥٨٥
(٤) (حم) ٢٥٠٧ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٥) (حم) ٣٠٠٥
(٦) (حم) ٣٥١٣ , (س) ٣٠٦٤ , (د) ١٩٤٠ , (جة) ٣٠٢٥ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٧) قال الألباني في حجة النبي ص٨٠: وهنا تنبيهات:
الأول: أنه لا يجوز الرمي يوم النحر قبل طلوع الشمس , ولو من الضعفة والنساء الذين يرخص لهم أن يرتحلوا من المزدلفة بعد نصف الليل , فلا بد لهم من الانتظار حتى تطلع الشمس ثم يرمون , لحديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قدَّم أهله وأمرهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ".
ولا يصلح أن يُعارَض بما في البخاري أن أسماء بنت أبي بكر رمت الجمرة ثم صلت الصبح بعد وفاة النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لأنه ليس صريحا أنها فعلت ذلك بإذن منه - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بخلاف ارتحالها بعد نصف الليل , فقد صرَّحت بأن النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أذن بذلك للظُّعُن , فمن الجائز أنها فهمت من هذا الإذنِ الإذنَ أيضا بالرمي بليل , ولم يبلغها نهيه - صلى اللهُ عليه وسلَّم - الذي حفظه ابن عباس.
الثاني: أن هناك رخصة بالرمي في هذا اليوم بعد الزوال , ولو إلى الليل , فيستطيع أن يتمتع بها من يجد المشقة في الرمي ضحى , والدليل حديث ابن عباس أيضا قال: كان النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - يُسْأَلُ يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج , فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ , قال: " اذبح ولا حرج " , قال: رميت بعدما أمسيت , فقال: " لا حرج ". رواه البخاري وغيره.
وإلى هذا ذهب الشوكاني , ومن قبله قال ابن حزم في " المحلى ": إنما نهى النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عن رميها ما لم تطلع الشمس من يوم النحر , وأباح رميها بعد ذلك وإن أمسى , وهذا يقع على الليل والعشي معا " ,
فاحفظ هذه الرخصة , فإنها تنجيك من الوقوع في ارتكاب نهي الرسول - صلى اللهُ عليه وسلَّم - المتقدم عن الرمي قبل طلوع الشمس الذي يخالفه كثير من الحجاج , بزعم الضرورة.
الثالث: أن المحرِم إذا رمى جمرة العقبة حل له كل شيء إلا النساء ولو لم يحلق , لحديث عائشة - رضي الله عنها -: " طيبت رسول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والإحرام , حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت ". رواه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين وأصله عندهما.
وبهذا قال عطاء ومالك وأبو ثور وأبو يوسف وهو رواية عن أحمد , قال ابن قدامة في " المغني " (٣/ ٤٣٩): " وهو الصحيح إن شاء الله تعالى " ,
وإليه ذهب ابن حزم , بل قال: يحل له ذلك بمجرد دخول وقت الرمي ولو لم يَرْمِ.
وأما اشتراط الحلق مع الرمي كما جاء في بعض المذاهب وغير واحد من كتاب المناسك , فهو مع مخالفته لهذا الحديث الصحيح , فليس فيه حديث يصلح للمعارضة , أما حديث " إذا رميتم وحلقتم - زاد في رواية: وذبحتم فقد حل لكم كل شي إلا النساء " فهو ضعيف الإسناد مضطرب المتن كما بينته في " الأحاديث الضعيفة " (رقم ما بعد الألف)
الرابع: أنه يجوز له أن يلتقط الحصى من حيث شاء كما قال ابن تيمية - رحمه الله - وذلك لأن النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لم يحدد لذلك مكانا , وغاية ما جاء فيه حديث ابن عباس (وفي رواية: الفضل بن عباس) قال: قال لي رسول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - غداة العقبة (وفي رواية: غداة النحر وفي أخرى: غداة جمع) وهو على راحلته: هات القُطْ لي , فلقطت له حصيات نحوا من حصى الخذف , فلما وضعتهن في يده قال: مثل هؤلاء , ثلاث مرات , وإياكم والغلو في الدين , فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين. أخرجه النسائي وابن ماجه وابن الجارود في " المنتقى " (رقم ٤٧٣) والسياق له , وابن حبان في صحيحه والبيهقي وأحمد (١/ ٢١٥، ٣٤٧) بسند صحيح.
فهذا مع كونه لا نص فيه على المكان , فهو يشرع بأن الالتقاط كان عند جمرة العقبة على الرواية الثانية , وكذا الأولى , وعليها أكثر الرواة.
وكأن ابن قدامة لاحظ هذا المعنى فقال في " المغني " (٣/ ٤٢٥) " وكان ذلك بمنى " , فما يفعله كثير من الحجاج من التقاط الحصيات في المزدلفة وحين وصولهم إليها خلاف السنة , مع ما فيه من التكلف لحمل الحصيات لكل يوم.
واعلم أنه لا مانع من رمي الجمرات بحصيات قد رُمِي بها , إذ لم يرد أي دليل على المنع , وبه قال الشافعي وابن حزم رحمة الله عليهما , خلافا لابن تيمية.
ثم في حديث الفضل بن عباس - رضي الله عنهما - أن من الغلو في الدين الرمي بحصى أكبر من حصى الخذف , وهو فوق الحمص , ودون البندق , فماذا يقال فيما يفعله بعض الجهلة من رميهم الجمرات بالنعال؟ , أصلح الله شأن المسلمين , وعرَّفَهُم بسنة نبيهم الكريم , ووفقهم للعمل بها إن أرادوا السعادة الحقَّة في الدنيا والأخرى. أ. هـ
(٨) (حم) ٣١٩٢ , (هق) ٩٣٤٨ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح.
(٩) (م) ٣٠٠ - (١٢٩٣) , (خ) ١٥٩٤
(١٠) (س) ٣٠٣٢ , (خ) ١٥٩٤ , (م) ٣٠٠ - (١٢٩٣) , (ت) ٨٩٢ , (حم) ١٩٣٩
(١١) (م) ٣٠٣ - (١٢٩٤)
(١٢) (حم) ٣٢٠٣ , (س) ٣٠٦٥ , (د) ١٩٤١ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(١٣) قال الألباني في الإرواء تحت حديث ١٠٧٦: قوله (ورمينا الجمرة) ليس نصا في أنهم رموا قبل طلوع الشمس , فلا يعارض الروايات المصرِّحة بنهيهم عن الرمي حتى تطلع الشمس. أ. هـ
(١٤) (س) ٣٠٤٨ , (حم) ٢٤٦٠