(٢) أَيْ: الْمُؤْمِن الثَّابِتُ عَلَى مُقْتَضَى الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى , يَنْشَرِح صَدْرُه لِلْخَيْرِ , فَيَصِيرُ لَهُ عَادَة , وَأَمَّا الشَّرُّ , فَلَا يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُه , فَلَا يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِ إِلَّا بِلَجَاجَةِ الشَّيْطَان وَالنَّفْسِ الْأَمَارَة , وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ " دَعْ مَا يَرِيبك إِلَى مَا لَا يَرِيبك " , وَ " الْإِثْم مَا حَاكَ فِي صَدْرك , وَإِنْ أَفْتَاك الْمَفْتُون " وَالْمُرَاد أَنَّ الْخَيْرَ مُوَافِقٌ لِلْعَقْلِ السَّلِيم , فَهُوَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا إِيَّاهُ , وَلَا يَمِيلُ إِلَّا إِلَيْهِ , بِخِلَافِ الشَّرّ , فَإِنَّ الْعَقْلَ السَّلِيمَ يَنْفِرُ عَنْهُ وَيُقَبِّحهُ , وَهَذَا رُبَّمَا يَمِيلُ إِلَى الْقَوْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْح الْعَقْلِيِّينَ فِي الْأَحْكَام , فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ: الْحَقُّ وَالْبَاطِل , وَلِلْحَقِّ نُورٌ فِي الْقَلْبِ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ الْحَقّ , وَلِلْبَاطِلِ ظُلْمَةٌ يَضِيقُ بِهَا الْقَلْبُ عَنْ قَبُولِه , فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا بِتَرَدُّدٍ وَانْقِبَاضٍ لِلْقَلْبِ عَنْ قَبُولِه , وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَثَلِ الْمَشْهُور " الْحَقّ أَبْلَجُ , وَالْبَاطِل لَجْلَج ".وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون هَذَا بَيَانُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهِ , أَيْ: اللَّائِقُ بِحَالِهِ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ عَادَتَه , وَالشَّرُّ مَكْرُوهًا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا لِلَجَاجَةٍ واللِّجَاجُ: التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ , وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ لَجُوجٌ , إذَا تَمَادَى فِي الْخُصُومَةِ , وَلِهَذَا سَمَّى الْعُلَمَاءُ نَذْرَ اللِّجَاجِ وَالْغَضَبِ , فَإِنَّهُ يَلِجُّ حَتَّى يَعْقِدَهُ , ثُمَّ يَلِجُّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحِنْثِ. حاشية السندي على ابن ماجه (ج ١ / ص ٢٠٥)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute