(٢) قال الألباني في حجة النبي ص٨٨: كذا أطلق جابر - رضي الله عنه - وفصلت ذلك عائشة , حيث قالت: " فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة , ثم حلوا , ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجحوا من منى , وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا " أخرجه الشيخان. قال ابن القيم في " زاد المعاد ": فإما أن يقال: عائشة أثبتت , وجابرٌ نفى , والمُثبِت مقدمٌ على النافي. أو يقال: مرادُ جابرٍ: من قرن مع النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وساق الهدي - كأبي بكر وعمر وطلحة وعلي وذوي اليسار - فإنهم إنما سعوا سعيا واحدا , وليس المراد به عموم الصحابة. أو يعلَّل حديث عائشة بأن قولها: فطاف الخ. . في الحديث مُدْرَجٌ من قول هشام , وهذه ثلاث طرق للناس في حديثها. والله أعلم. كذا في زاد المعاد قلت: والطريق الأخير منها ضعيف , لأن تخطئة الثقة بدون حُجَّة لا يجوز , لا سيما إذا كان مثل هشام , ثم استدركتُ فقلت: ليس في طريق الحديث هشام لأنه من رواية مالك , عن ابن شهاب , عن عروة بن الزبير , عنها. فهذا إسناد غايةٌ في الصحة , فممن الخطأ والإدراج؟. ثم وجدت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في " مناسك الحج " (ص٣٨٥ ج٢ من مجموعة الرسائل الكبرى): " وقد رُوي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين , لكنَّ هذه الزيادة قيل: أنها من قول الزهري , لا من قول عائشة ". والزهري جبلٌ في الحفظ , فكيف يُخَطَّأ بمجرد " قيل "؟ , وأزيد الآن في هذه الطبقة فأقول: فمن العجيب أن يعتمد على ذلك ابن تيمية , فيرد به حديث عائشة , فيقول: " وقد احتج بها - يعني الزيادة - بعضهم , على أنه يستحب طوافان بالبيت , وهذا ضعيف , والأظهر ما في حديث جابر , ويؤيده قوله: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". قلت: حديث عائشة صحيح لا شك فيه , وما أُعِلَّ به لا يساوي حكايته كما عُرِف , ومما يؤكد ذلك شيئان: الأول: أن له طريقا أخرى عنها في " الموطأ " (رقم: ٢٢٣ ج ١: ٤١٠) عن عبد الرحمن ابن القاسم , عن أبيه به , وهذا سند صحيح , أيضا كالجبل ثبوتا. والآخر: أن له شاهدا صريحا صحيحا من حديث ابن عباس , أنه سُئِل عن متعة الحجِّ , فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - في حجة الوداع , فلما قدمنا مكة قال رسول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلَّد الهدي " فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة , وأتينا النساء , ولبسنا الثياب , وقال: " من قلَّد الهدي , فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله , ثم أمَرَنا عشية التروية أن نُهِلَّ بالحج , فإذا فرغنا من المناسك , جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة , فقد تم حجُّنا , وعلينا الهدي ". الحديث أخرجه البخاري تعليقا مجزوما , ورواه مسلم خارج صحيحه موصولا وكذا الإسماعيلي في مستخرجه , ومن طريقه البيهقي في سننه (٥/ ٢٣) وإسناده صحيح رجاله رجال الصحيح. فهذا كله يؤكد بطلان دعوى الإدراج في حديث عائشة , ويؤيد أنها حفظت ما لم يحفظ جابر , ويدل على أن المتمتِّع لا بد له من الطواف مرة أخرى بين الصفا والمروة. وفي حديث ابن عباس فائدة أخرى هامَّة جدًا , وهي: أن " من فعل ذلك فقد تم حجُّه " , ومفهومه أن من لم يفعل ذلك لم يتم حجه , فهذا إن لم يدلَّ على أنه ركن , فلا أقل من أن يدل على الوجوب , فكيف الاستحباب؟. وأما تأييد شيخ الإسلام ما ذهب إليه من عدم المشروعية بقوله - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " دخلت العمرة. . . " فلا يخفى ضعفُه , بعدما ثبت الأمر به من النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم -. أ. هـ (٣) (م) ٢٦٥ - (١٢٧٩) , (س) ٢٩٨٦ , (د) ١٨٩٥ (٤) (م) ١١١ - (١٢١١) , (خ) ١٤٨١ , (س) ٢٧٦٤ , (د) ١٧٨١ , (حم) ٢٥٤٨٠ , عن عائشة , (حم) ٦٠٨٢ عن ابن عمر