(٢) أَيْ: لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ , لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - الزَّجْرُ عَنْ الْأَخْذِ عَنْهُمْ , وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ , ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِي ذَلِكَ، وَكَأَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ قَبْلَ اِسْتِقْرَارِ الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّة , خَشْيَة الْفِتْنَة، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور , وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ , لِمَا فِي سَمَاعِ الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهمْ مِنْ الِاعْتِبَار.وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " أَيْ: لَا تَضِيقُ صُدُورُكُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب , فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا.وَقِيلَ: لَا حَرَج فِي أَنْ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ , لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا: " حَدِّثُوا " صِيغَة أَمْرٍ تَقْتَضِي الْوُجُوب , فَأَشَارَ إِلَى عَدَم الْوُجُوب , وَأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ: " وَلَا حَرَج " , أَيْ: فِي تَرْكِ التَّحْدِيثِ عَنْهُمْ.وَقِيلَ: الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ حَاكِي ذَلِكَ , لِمَا فِي أَخْبَارِهِمْ مِنْ الْأَلْفَاظ الشَّنِيعَة , نَحْوَ قَوْلِهمْ {اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} , وَقَوْلهمْ: {اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا}.وَقَالَ مَالِك: الْمُرَاد: جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَن، أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُه فَلَا.وَقَالَ الشَّافِعِيّ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ، فَالْمَعْنَى: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَه، وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ.وَقِيلَ: الْمُرَاد: جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَةٍ وَقَعَتْ مِنْ اِنْقِطَاعٍ أَوْ بَلَاغ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَالِ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّة , فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّحَدُّثِ بِهَا الِاتِّصَال، وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ , لِقُرْبِ الْعَهْد. فتح الباري (١٠/ ٢٦١)(٣) أَيْ: فَلْيَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا، يُقَالُ: تَبَوَّأَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ: إِذَا اِتَّخَذَهُ مَسْكَنًا وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ , أَوْ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ , أَوْ دُعَاءٍ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ , أَيْ: بَوَّأَهُ اللهُ ذَلِكَ. تحفة الأحوذي - (ج ٦ / ص ٤٣)(٤) (خ) ٣٢٧٤ , (ت) ٢٦٦٩
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute