للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً (١) وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ (٢) وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ (٣) " (٤)


(١) أَيْ: لِيُسَارِعْ كُلُّ سَامِعٍ إِلَى تَبْلِيغِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْآيِ وَلَوْ قَلَّ , لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ نَقْلُ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ - صلى الله عليه وسلم -. فتح الباري (ج ١٠ / ص ٢٦١)
(٢) أَيْ: لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ , لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - الزَّجْرُ عَنْ الْأَخْذِ عَنْهُمْ , وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ , ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِي ذَلِكَ، وَكَأَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ قَبْلَ اِسْتِقْرَارِ الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّة , خَشْيَة الْفِتْنَة، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور , وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ , لِمَا فِي سَمَاعِ الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهمْ مِنْ الِاعْتِبَار.
وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " أَيْ: لَا تَضِيقُ صُدُورُكُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب , فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا.
وَقِيلَ: لَا حَرَج فِي أَنْ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ , لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا: " حَدِّثُوا " صِيغَة أَمْرٍ تَقْتَضِي الْوُجُوب , فَأَشَارَ إِلَى عَدَم الْوُجُوب , وَأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ: " وَلَا حَرَج " , أَيْ: فِي تَرْكِ التَّحْدِيثِ عَنْهُمْ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ حَاكِي ذَلِكَ , لِمَا فِي أَخْبَارِهِمْ مِنْ الْأَلْفَاظ الشَّنِيعَة , نَحْوَ قَوْلِهمْ {اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} , وَقَوْلهمْ: {اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا}.
وَقَالَ مَالِك: الْمُرَاد: جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَن، أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُه فَلَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ، فَالْمَعْنَى: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَه، وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ.
وَقِيلَ: الْمُرَاد: جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَةٍ وَقَعَتْ مِنْ اِنْقِطَاعٍ أَوْ بَلَاغ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَالِ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّة , فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّحَدُّثِ بِهَا الِاتِّصَال، وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ , لِقُرْبِ الْعَهْد. فتح الباري (١٠/ ٢٦١)
(٣) أَيْ: فَلْيَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا، يُقَالُ: تَبَوَّأَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ: إِذَا اِتَّخَذَهُ مَسْكَنًا وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ , أَوْ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ , أَوْ دُعَاءٍ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ , أَيْ: بَوَّأَهُ اللهُ ذَلِكَ. تحفة الأحوذي - (ج ٦ / ص ٤٣)
(٤) (خ) ٣٢٧٤ , (ت) ٢٦٦٩