للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م) , وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ (١) " , فَقُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لِلهِ (٢) وَلِكِتَابِهِ (٣) وَلِرَسُولِهِ (٤) وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ (٥) وَعَامَّتِهِمْ (٦) " (٧)


(١) أَيْ: عِمَادُ الدِّين وَقِوَامُهُ النَّصِيحَة , كَقَوْلِهِ: " الْحَجُّ عَرَفَة " أَيْ: عِمَادُهُ وَمُعْظَمُهُ عَرَفَة. شرح النووي (ج١ص١٤٤)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّصِيحَةُ كِلْمَةٌ جَامِعَة , مَعْنَاهَا: حِيَازَةُ الْحَظِّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ، وَهِيَ مِنْ وَجِيز الْكَلَام، بَلْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ كِلْمَةٌ مُفْرَدَةٌ تُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَةُ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَة.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا إِنَّهَا أَحَدُ أَرْبَاعِ الدِّين.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: بَلْ هُوَ وَحْدَهُ مُحَصِّلٌ لِغَرَضِ الدِّينِ كُلِّه؛ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي الْأُمُورِ الَّتِي ذَكَرَهَا. (فتح - ج١ص٢٠٢)
(٢) النَّصِيحَة للهِ تَعَالَى: مَعْنَاهَا مُنْصَرِفٌ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ , وَتَرْكِ الْإِلْحَادِ فِي صِفَاته , وَوَصْفِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ كُلِّهَا، وَتَنْزِيهِهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى مِنْ جَمِيع النَّقَائِص، وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِه، وَالْحُبِّ فِيهِ، وَالْبُغْضِ فِيهِ، وَمُوَالَاةِ مَنْ أَطَاعَهُ، وَمُعَادَاةِ مَنْ عَصَاهُ، وَجِهَادِ مَنْ كَفَرَ بِهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِنِعْمَتِهِ، وَشُكْرِه عَلَيْهَا، وَالْإِخْلَاصِ فِي جَمِيعِ الْأُمُور، وَالدُّعَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَة، وَالْحَثِّ عَلَيْهَا، وَالتَّلَطُّفِ فِي جَمْعِ النَّاس، أَوْ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ عَلَيْهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْإِضَافَة رَاجِعَةٌ إِلَى الْعَبْدِ فِي نُصْحِه نَفْسِهِ، فَاللهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ نُصْحِ النَّاصِح. شرح النووي (ج ١ / ص ١٤٤)
(٣) النَّصِيحَة لِكِتَابِ اللهِ: تَعَلُّمه، وَتَعْلِيمُه، وَإِقَامَةُ حُرُوفِه فِي التِّلَاوَة، وَتَحْرِيرُهَا فِي الْكِتَابَة، وَتَفَهُّمُ مَعَانِيه، وَحِفْظُ حُدُودِه، وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ، وَذَبُّ تَحْرِيفِ الْمُبْطِلِينَ عَنْهُ. (فتح - ج١ص٢٠٢)
(٤) النَّصِيحَة لِرَسُولِهِ: تَعْظِيمه، وَنَصْرُه حَيًّا وَمَيِّتًا، وَإِحْيَاءُ سُنَّتِه , بِتَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمُهَا، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي أَقْوَالِه وَأَفْعَالِه، وَمَحَبَّتُهُ وَمَحَبَّةُ أَتْبَاعِه. فتح (١/ ٢٠٢)
(٥) النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: إِعَانَتُهُمْ عَلَى مَا حُمِّلُوا الْقِيَامَ بِهِ، وَتَنْبِيهُهُمْ عِنْدَ الْغَفْلَة، وَسَدُّ خُلَّتِهِمْ عِنْد الْهَفْوَة، وَجَمْعُ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِمْ، وَرَدُّ الْقُلُوبِ النَّافِرَةِ إِلَيْهِمْ، وَمِنْ أَعْظَمِ نَصِيحَتِهِمْ: دَفْعُهُمْ عَنْ الظُّلْمِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن.
وَمِنْ جُمْلَةِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: أَئِمَّة الِاجْتِهَاد، وَتَقَعُ النَّصِيحَةُ لَهُمْ بِبَثِّ عُلُومِهِمْ، وَنَشْرِ مَنَاقِبهِمْ، وَتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ. (فتح - ج١ص٢٠٢)
(٦) النَّصِيحَة لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ: الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ، وَالسَّعْيُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْهِمْ، وَتَعْلِيمُهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَكَفُّ وُجُوهِ الْأَذَى عَنْهُمْ، وَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ.
وَفِي الْحَدِيث فَوَائِد أُخْرَى , مِنْهَا: أَنَّ الدِّينَ يُطْلَق عَلَى الْعَمَلِ , لِكَوْنِهِ سَمَّى النَّصِيحَةَ دِينًا. (فتح - ج١ص٢٠٢)
(٧) (م) ٩٥ - (٥٥) , (س) ٤١٩٧ , (ت) ١٩٢٦ , (حم) ٧٩٤١