(٢) قَالَ الْخَطَّابِيّ: النَّهْي عَنْ تَلَقِّي السِّلَع قَبْل وُرُودهَا السُّوق , فَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَرَاهِيَة الْغَبْن، وَيُشْبِه أَنْ يَكُون قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ عَادَة أُولَئِكَ أَنْ يَتَلَقَّوْا الرُّكْبَان قَبْل أَنْ يَقْدَمُوا الْبَلَد وَيَعْرِفُوا سِعْر السُّوق فَيُخْبِرُوهُمْ أَنَّ السِّعْر سَاقِط وَالسُّوق كَاسِدَة وَالرَّغْبَة قَلِيلَة حَتَّى يَخْدَعُوهُمْ عَمَّا فِي أَيْدِيهمْ، وَيَبْتَاعُونَ مِنْهُمْ بِالْوَكْسِ مِنْ الثَّمَن، فَنَهَاهُمْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ لِلْبَائِعِ الْخِيَار إِذَا قَدِمَ السُّوق فَوَجَدَ الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا قَالُوهُ , وقَالَ فِي النَّيْل: وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْذ بِظَاهِرِ الْحَدِيث الْجُمْهُور فَقَالُوا: لَا يَجُوز تَلَقِّي الرُّكْبَان، وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مُحَرَّم أَوْ مَكْرُوه فَقَطْ. وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَبِي حَنِيفَة أَنَّهُ أَجَازَ التَّلَقِّي، وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظ بِأَنَّ الَّذِي فِي كُتُب الْحَنَفِيَّة أَنَّهُ يُكْرَه التَّلَقِّي فِي حَالَتَيْنِ: أَنْ يَضُرّ بِأَهْلِ الْبَلَد، وَأَنْ يُلَبِّس السِّعْر عَلَى الْوَارِدِينَ. عون المعبود - (ج ٧ / ص ٤٢٣)(٣) (س) ٤٤٨٧ , (خ) ٢١٥٠ , (م) ١١ - (١٥١٥) , (د) ٣٤٤٣ , (حم) ٦٤٥١(٤) (خ) ٢٠٥٧ , (د) ٣٤٣٦ , (حم) ٨٩٢٤(٥) (م) ١٧ - (١٥١٩) , (س) ٤٥٠١ , (ت) ١٢٢١ , (د) ٣٤٣٧(٦) (ت) ١٢٢١ , (د) ٣٤٣٧ , (حم) ٩٢٢٥(٧) قَالَ الْعُلَمَاء: وَسَبَب التَّحْرِيم إِزَالَة الضَّرَر عَنْ الْجَالِب وَصِيَانَته مِمَّنْ يَخْدَعهُ , قَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد الله الْمَازِرِيّ: فَإِنْ قِيلَ: الْمَنْع مِنْ بَيْع الْحَاضِر لِلْبَادِي سَبَبه الرِّفْق بِأَهْلِ الْبَلَد , وَاحْتَمَلَ فِيهِ غَبْن الْبَادِي وَالْمَنْع مِنْ التَّلَقِّي أَلَّا يَغْبِن الْبَادِي وَلِهَذَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: (فَإِذَا أَتَى سَيِّده السُّوق فَهُوَ بِالْخِيَارِ)، فَالْجَوَاب: أَنَّ الشَّرْع يَنْظُر فِي مِثْل هَذِهِ الْمَسَائِل إِلَى مَصْلَحَة النَّاس , وَالْمَصْلَحَة تَقْتَضِي أَنْ يَنْظُر لِلْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِد , لَا لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِد، فَلَمَّا كَانَ الْبَادِي إِذَا بَاعَ بِنَفْسِهِ اِنْتَفَعَ جَمِيع أَهْل السُّوق وَاشْتَرَوْا رَخِيصًا فَانْتَفَعَ بِهِ جَمِيع سُكَّان الْبَلَد، نَظَر الشَّرْع لِأَهْلِ الْبَلَد عَلَى الْبَادِي , وَلَمَّا كَانَ فِي التَّلَقِّي إِنَّمَا يَنْتَفِع الْمُتَلَقِّي خَاصَّة وَهُوَ وَاحِد فِي قُبَالَة وَاحِد لَمْ يَكُنْ فِي إِبَاحَة التَّلَقِّي مَصْلَحَة، لَا سِيَّمَا وَيَنْضَاف إِلَى ذَلِكَ عِلَّة ثَانِيَة وَهِيَ لُحُوق الضَّرَر بِأَهْلِ السُّوق فِي اِنْفِرَاد الْمُتَلَقِّي عَنْهُمْ بِالرُّخْصِ وَقَطْع الْمَوَادّ عَنْهُمْ , وَهُمْ أَكْثَر مِنْ الْمُتَلَقِّي , فَنَظَرَ الشَّرْع لَهُمْ عَلَيْهِ , فَلَا تَنَاقَضَ بَيْن الْمَسْأَلَتَيْنِ , بَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَانِ فِي الْحِكْمَة وَالْمَصْلَحَة وَالله أَعْلَم.وَأَمَّا قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (فَإِذَا أَتَى سَيِّد السُّوق فَهُوَ بِالْخِيَارِ) قَالَ أَصْحَابنَا: لَا خِيَار لِلْبَائِعِ قَبْل أَنْ يَقْدَم وَيَعْلَم السِّعْر، فَإِذَا قَدِمَ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاء بِأَرْخَص مِنْ سِعْر الْبَلَد ثَبَتَ لَهُ الْخِيَار , سَوَاء أَخْبَرَ الْمُتَلَقِّي بِالسِّعْرِ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبَر، وَإِنْ كَانَ الشِّرَاء بِسِعْرِ الْبَلَد أَوْ أَكْثَر فَوَجْهَانِ: الْأَصَحّ لَا خِيَار لَهُ لِعَدَمِ الْغَبْن، وَالثَّانِي: ثُبُوته لِإِطْلَاقِ الْحَدِيث , وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج ٥ / ص ٣٠٤)(٨) (م) ١٧ - (١٥١٩) , (س) ٤٥٠١ , (ت) ١٢٢١ , (د) ٣٤٣٧ , (حم) ٧٨١٢
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute