قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً مُتَفَاضِلًا مُطْلَقًا , وَشَرَطَ مَالِكٌ أَنْ يَخْتَلِفَ الْجِنْسُ , وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا مَعَ النَّسِيئَةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْكُوفِيِّينَ.وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ النَّسِيئَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ , لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَمَا يَحْتَمِلُ النَّسِيئَةَ مِنْ طَرَفٍ , وَإِذَا كَانَتْ النَّسِيئَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَهِيَ مِنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ , وَهُوَ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْجَمِيعِ , وَأَجَابَ الْمَانِعُونَ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ , وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ تَقَرُّرِ تَأَخُّرِ النَّاسِخِ , وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ هَاهُنَا إِلَّا الطَّلَبُ لِطَرِيقِ الْجَمْعِ إِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ , أَوْ الْمَصِيرُ إِلَى التَّعَارُضِ، قِيلَ: وَقَدْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بِمَا سَلَفَ عَنْ الشَّافِعِيِّ , وَلَكِنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّةِ إِطْلَاقِ النَّسِيئَةِ عَلَى بَيْعِ الْمَعْدُومِ بِالْمَعْدُومِ , فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَوْ فِي اِصْطِلَاحِ الشَّرْعِ فَذَاكَ؛ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ مَقَالٍ , لَكِنَّهَا تَثْبُتُ مِنْ طَرِيقِ ثَلَاثَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: سَمُرَةَ , وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَبَعْضُهَا يُقَوِّي بَعْضًا فَهِيَ أَرْجَحُ مِنْ حَدِيثٍ وَاحِدٍ غَيْرِ خَالٍ مِنْ الْمَقَالِ , وَهُوَ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو , وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْجَارُودِ حَدِيثَ سَمُرَةَ , فَإِنَّ ذَلِكَ مُرَجِّحٌ آخَرُ , وَأَيْضًا قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ دَلِيلَ التَّحْرِيمِ أَرْجَحُ مِنْ دَلِيلِ الْإِبَاحَةِ , وَهَذَا أَيْضًا مُرَجِّحٌ ثَالِثٌ، كَذَا فِي النَّيْلِ. تحفة الأحوذي - (ج ٣ / ص ٣٣٧)(٢) (ت) ١٢٣٧ , (س) ٤٦٢٠ , (د) ٣٣٥٦ , (جة) ٢٢٧٠ , (حم) ٢٠١٥٥ , وصححه الألباني في هداية الرواة: ٢٧٥١
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute