(٢) أَيْ: لَا خَدِيعَةَ و " لَا " لِنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ: لَا خَدِيعَةَ فِي الدِّينِ لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ. فتح الباري (ج ٦ / ص ٤٤٠)(٣) اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَحْمَدَ وَأَحَد قَوْلَيْ مَالِك أَنَّهُ يُرَدُّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِش لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا جَعَلَ لَهُ الْخِيَار لِضَعْفِ عَقْلِهِ , وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ يُمْلَكُ بِهِ الْفَسْخُ لَمَا اِحْتَاجَ إِلَى شَرْط الْخِيَارِ , وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: يَحْتَمِل أَنَّ الْخَدِيعَةَ فِي قِصَّة هَذَا الرَّجُلِ كَانَتْ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي الْكَذِبِ أَوْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْغَبْنِ , فَلَا يُحْتَجُّ بِهَا فِي مَسْأَلَة الْغَبْنِ بِخُصُوصِهَا، وَلَيْسَتْ قِصَّةً عَامَّةً , وَإِنَّمَا هِيَ خَاصَّةٌ فِي وَاقِعَةِ عَيْنٍ , فَيُحْتَجُّ بِهَا فِي حَقّ مَنْ كَانَ بِصِفَةِ الرَّجُل , قَالَ: وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَر أَنَّهُ كُلِّمَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ: مَا أَجِدُ لَكُمْ شَيْئًا أَوْسَعَ مِمَّا جَعَلَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لِحَبَّانَ بْن مُنْقِذ ثَلَاثَة أَيَّام، فَمَدَارُهُ عَلَى اِبْن لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ اِنْتَهَى، وَهُوَ كَمَا قَالَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ طَرِيقه، لَكِنَّ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا قَدْ تَعَيَّنَتْ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا بِأَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ فِي الْبُيُوعِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ الْمُشْتَرَطَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ غَيْر زِيَادَة , لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَرَدَ عَلَى خِلَاف الْأَصْل , فَيُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى أَقْصَى مَا وَرَدَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ جَعْلُ الْخِيَارِ فِي الْمُصَرَّاةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَاعْتِبَارُ الثَّلَاث فِي غَيْر مَوْضِع، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ عِنْد الْعَقْدِ " لَا خِلَابَةَ " أَنَّهُ يَصِيرُ فِي تِلْكَ الصَّفْقَةِ بِالْخِيَارِ , سَوَاءٌ وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا أَوْ غَبْنًا أَمْ لَا، وَبَالَغَ اِبْن حَزْم فِي جُمُودِهِ فَقَالَ: لَوْ قَالَ لَا خَدِيعَةَ أَوْ لَا غِشَّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ حَتَّى يَقُولَ لَا خِلَابَةَ وَمِنْ أَسْهَلَ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ " لَا خِيَابَةَ " بِالتَّحْتَانِيَّةِ بَدَلَ اللَّامِ , وَكَأَنَّهُ كَانَ لَا يُفْصِحُ بِاللَّامِ لِلَثْغَة لِسَانِهِ , وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِ عِنْد أَحَد مِنْ الصَّحَابَة الَّذِينَ كَانُوا يَشْهَدُونَ لَهُ بِأَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَهُ بِالْخِيَارِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ اِكْتَفَوْا فِي ذَلِكَ بِالْمَعْنَى، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز شَرْط الْخِيَار لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. فتح الباري (ج ٦ / ص ٤٤٠)(٤) (جة) ٢٣٥٥، (ك) ٢٢٠١ , (قط) ج٣ص٥٥ح٢٢٠ , (هق) ١٠٢٣٩ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٨٧٥ , والحديث كان ضعفه الألباني في ضعيف الجامع ٤٠٢ , ثم تراجع عن تضعيفه في الصَّحِيحَة , وحسنه في (جة) ٢٣٥٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute