للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم) , وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (اسْتَأذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ , أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ , بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ) (١) (فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ؟ , فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ , قَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي) (٢) (قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ) (٣) (حَتَّى أَسْتَأذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي) (٤) (وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ , قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَنِي يَسْتَأذِنُ عَلَيَّ , فَكَرِهْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأذِنَكَ) (٥) (فَقَالَ لَهَا رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " وَمَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَأذَنِي لِعَمِّكِ؟ " , قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ أَبَا قُعَيْسٍ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي , إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ , فَقَالَ لِي رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " ائْذَنِي لَهُ حِينَ يَأتِيكِ) (٦) وَ (لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ) (٧) (فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ) (٨) (فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ") (٩)

الشرح (١٠)


(١) (خ) ٤٥١٨ , (م) ٤ - (١٤٤٥) , (س) ٣٣١٦ , (حم) ٢٦٣٧٧
(٢) (خ) ٢٥٠١ , (م) ١٠ - (١٤٤٥) , (د) ٢٠٥٧
(٣) (م) ٤ - (١٤٤٥) , (خ) ٤٨١٥
(٤) (خ) ٤٥١٨ , (م) ٥ - (١٤٤٥)
(٥) (م) ٥ - (١٤٤٥) , (خ) ٤٥١٨
(٦) (حم) ٢٦٣٧٧ , (خ) ٤٥١٨ , (م) ٤ - (١٤٤٥) , (س) ٣٣١٨ , (ت) ١١٤٨
(٧) (م) ٩ - (١٤٤٥)
(٨) (خ) ٤٥١٨ , (م) ٤ - (١٤٤٥) , (س) ٣٣١٧ , (جة) ١٩٤٨ , (حم) ٢٤١٠٠
(٩) (م) ٩ - (١٤٤٥) , (س) ٣٣٠١
(١٠) فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ لَبَن الْفَحْلِ يُحَرِّمُ حَتَّى تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ فِي جِهَة صَاحِبِ اللَّبَن كَمَا تَثْبُت مِنْ جَانِب الْمُرْضِعَة، فَإِنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَثْبَتَ عُمُومَةَ الرَّضَاعِ , وَأَلْحَقَهَا بِالنَّسَبِ , فَثَبَتَ حُرْمَةُ الرَّضَاع بَيْنه وَبَيْن الرَّضِيع , وَيَصِيرُ وَلَدًا لَهُ , وَأَوْلَادُه إِخْوَةُ الرَّضِيع وَأَخَوَاتُه، وَيَكُون إِخْوَتُه (إخوة زوج المرأة المرضِعة) أَعْمَامُ الرَّضِيع , وَأَخَوَاته عَمَّاتُه , وَيَكُون أَوْلَادُ الرَّضِيعِ أَوْلَاده.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُور مِنْ الصَّحَابَة , وَالتَّابِعِينَ , وَفُقَهَاء الْأَمْصَار , كَالْأَوْزَاعِيّ فِي أَهْل الشَّام , وَالثَّوْرِيّ , وَأَبِي حَنِيفَة , وَصَاحِبَيْهِ فِي أَهْل الْكُوفَة
وَابْن جُرَيْجٍ فِي أَهْل مَكَّة، وَمَالِك فِي أَهْل الْمَدِينَة، وَالشَّافِعِيّ , وَأَحْمَد , وَإِسْحَاق , وَأَبِي ثَوْر , وَأَتْبَاعهمْ , وَحُجَّتهمْ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ اِبْن عُمَر , وَابْن الزُّبَيْر , وَرَافِع بْن خَدِيج , وَعَائِشَة , وَجَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ , وَابْن الْمُنْذِر , وَدَاوُد وَأَتْبَاعه , فَقَالُوا: لَا يَثْبُت حُكْم الرَّضَاع لِلرَّجُلِ , لِأَنَّ الرَّضَاع إِنَّمَا هُوَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي اللَّبَن مِنْهَا , قَالُوا: وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُر الْعَمَّة , وَلَا الْبِنْت كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي النَّسَب.
وَأُجِيبُوا بِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْء بِالذِّكْرِ , لَا يَدُلّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْم عَمَّا عَدَاهُ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.
وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ مِنْ حَيْثُ النَّظَر بِأَنَّ اللَّبَن لَا يَنْفَصِل مِنْ الرَّجُل , وَإِنَّمَا يَنْفَصِل مِنْ الْمَرْأَة , فَكَيْفَ تَنْتَشِر الْحُرْمَة إِلَى الرَّجُل , وَالْجَوَاب أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَة النَّصِّ فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ.
وَأَيْضًا , فَإِنَّ سَبَب اللَّبَن هُوَ مَاء الرَّجُل وَالْمَرْأَة مَعًا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُون الرَّضَاعُ مِنْهُمَا , كَالْجَدِّ , لَمَّا كَانَ سَبَب الْوَلَد , أَوْجَبَ تَحْرِيم وَلَد الْوَلَد بِهِ , لِتَعَلُّقِهِ بِوَلَدِهِ , وَإِلَى هَذَا أَشَارَ اِبْنُ عَبَّاس بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة: اللِّقَاح وَاحِد. أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة. عون المعبود (ج٤ص ٤٤٤)