للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(خ) , وَعَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَرَخَّصَ , فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ أَوْ نَحْوَهُ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ (١). (٢)

وفي رواية: (فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَدَقْتَ) (٣).


(١) قال الألباني في إرواء الغليل (ج ٦ / ص ٣١٧): وهذا بظاهره يدل على أنه رجع عن القول بإباحة المتعة إطلاقا إلى القول بعدم جوازها مطلقا أو مقيدة بحال عدم وجود الضرورة , وكأنه رجع إلى ذلك بعد أن عارضه جماعة من الصحابة في إطلاقه القول بإباحتها , فروى البخاري (٤/ ٣٤١) عن محمد بن علي: " أن عليا رضي الله عنه - قيل له: ان إبن عباس لا يرى بمتعة النساء بأسا فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية ".
وأخرج مسلم وغيره دون ذكر ابن عباس فيه. وفي رواية لمسلم عنه: " سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان: إنك رجل تائه نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . .). فذكره.
وكذلك رواه النسائي (٧/ ٩٠). ورواه أحمد (١/ ١٤٢) بلفظ: " قال لابن عباس وبلغه أنه رخص في متعه النساء فقال له علي بن أبي طالب: إن رسول الله قد نهى. . . ". ورواه الطبراني في " الأوسط " (١/ ١٧٤ / ١) بلفظ: " تكلم علي وابن عباس في متعة النساء فقال له علي: إنك امرؤ تائه. . . "
وعن سالم بن عبد الله قال: " أتي عبد الله بن عمر فقيل له: ابن عباس يأمر بنكاح المتعة , فقال ابن عمر: سبحان الله! ما أظن أن ابن عباس يفعل هذا , قالوا: بلى إنه يأمر به قال: وهل كان ابن عباس إلا غلاما صغيرا إذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ , ثم قال ابن عمر: نهانا عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما كنا مسافحين ". قلت: وإسناده قوي كما قال الحافظ في " التلخيص " (٣/ ١٥٤).
وعن نافع عن ابن عمر: " سئل عن المتعة؟ , فقال: حرام , فقيل له: إن ابن عباس يفتي بها , فقال: فهلا سرموم (١) بها في زمان عمر ". أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٤) بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
وعن ابن شهاب أخبرني عن عروة بن الزبير: " أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال: إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال: إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك ".
قال ابن شهاب: فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله أنه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها , فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري: مهلا ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين , قال ابن أبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الاسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير , ثم أحكم الله الدين ونهى عنها ". أخرج مسلم (٤/ ١٣٣ - ١٣٤) والبيهقي (٧/ ٢٠٥)
وفي رواية له: " يعرض بابن عباس ". وزاد في آخرها: " قال ابن شهاب: وأخبرني عبيد الله أن ابن عباس كان يفتي بالمتعة ويغمص ذلك عليه أهل العلم فأبى ابن عباس أن ينتكل عن ذلك , حتى طفق بعض الشعراء يقول: يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس؟ هل لك في ناعم خود مبتلة تكون مثواك حتى مصدر الناس. قال: فأزداد أهل العلم بها قذرا ولها بغضا حين قيل فيها الأشعار ". قلت: وإسنادها صحيح.
ولها طريق أخرى عنده بنحوه وزاد: " فقال ابن عباس: ما هذا أردت وما بهذا أفتيت إن المتعة لا تحل إلا لمضطر ألا إنما هي كالميتة والدم ولحم الخنزير ". وفيه الحسن بن عمارة وهو متروك كما في " التقريب ".
ثم روى من طريق ليث عن ختنه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في المتعة: " هي حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير ". وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف أيضا.
وجملة القول: أن ابن عباس رضي الله عنه رُوي عنه في المتعة ثلاثة أقوال:
الأول: الإباحة مطلقا.
الثاني: الإباحة عند الضرورة.
والآخر: التحريم مطلقا , وهذا مما لم يثبت عنه صراحة , بخلاف القولين الأولين , فهما ثابتان عنه. والله أعلم. أ. هـ
(٢) (خ) ٤٨٢٦
(٣) (طح) ٤٣٢١ , (طب) ج١٢ص٢٢٩ح١٢٩٦٥ , (هق) ١٣٩٤٠