للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(د) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ يَزِيدَ - أَبُو رُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ - أُمَّ رُكَانَةَ , وَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ , فَجَاءَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: مَا يُغْنِي عَنِّي إِلَّا كَمَا تُغْنِي هَذِهِ الشَّعْرَةُ - لِشَعْرَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ رَأسِهَا - فَفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ , " فَأَخَذَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَمِيَّةٌ , فَدَعَا بِرُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ , ثُمَّ قَالَ لَجُلَسَائِهِ: أَتَرَوْنَ فُلَانًا يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ - مِنْ عَبْدِ يَزِيدَ - وَفُلَانًا يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ " , قَالُوا: نَعَمْ , فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ يَزِيدَ: " طَلِّقْهَا " , فَفَعَلَ , ثُمَّ قَالَ: " رَاجِعْ امْرَأَتَكَ - أُمَّ رُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ - " , قَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: " قَدْ عَلِمْتُ , رَاجِعْهَا , وتلَا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١) " (٢)


(١) [الطلاق/١]
(٢) (د) ٢١٩٦ , (عب) ١١٣٣٤، (ك) ٣٨١٧ , (هق) ١٤٧٦٣ , (حم) ٢٣٨٧
وقال الألباني في الإرواء تحت حديث ٢٠٦٣: أخرجه أبو داود , وعنه البيهقي (٧/ ٣٣٩).
وأخرجه الحاكم (٢/ ٤٩١) من طريق محمد بن ثور , عن ابن جريج , عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عكرمة به وقال: (صحيح الأسناد) وردَّه الذهبي بقوله: (محمد وَاهٍ , والخبر خطأ , عبد يزيد لم يدرك الأسلام).
وقال في (التجريد) (٢/ ٣٦٠): وهذا لَا يصحُّ , والمعروف أن صاحب القصة ركانة).
قلت: وهذا الإسناد وإن كان ضعيفا لجهالة البعض من بني رافع , أو ضعفه , لكنه قد توبع , فقال الامام أحمد (١/ ٢٦٥): حدثنا سعد بن إبراهيم , حدثنا أبي , عن محمد بن إسحاق , حدثني داود بن الحصين , عن عكرمة مولى ابن عباس , عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني مطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد , فحزن عليها حُزْنًا شديدا , " فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف طلقتَها؟ " , قال: طلقتُها ثلاثا , فقال: " في مجلس واحد؟ " , قال: نعم قال: " فإنما تلك واحدة , فأرجعها إن شئت " , قال: فرجعها , فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر).
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي (٧/ ٣٣٩) وقال: (وهذا الإسناد لَا تقوم به حجةٌ مع ثمانيةٍ رووا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فُتْياهُ بخلاف ذلك , ومع روايةِ أولاد ركانة أنَّ طلاق ركانة كان واحدة).
قلت: هذا الإسناد صححه الأمام أحمد , والحاكم , والذهبي , وحسنه الترمذي في متن آخر تقدم برقم (١٩٢١) وذكرنا هناك اختلاف العلماء في داود بن الحصين , وأنه حجة في غير عكرمة , ولولا ذلك لكان إسناد الحديث لذاته قويا , ولكن ذلك لَا يمنع من الاعتبار بحديثه , والاستشهاد بمتابعته لبعض بني رافع , فلا أقلَّ من أن يكون الحديث حسنا بمجموع الطريقين عن عكرمة.
ومالَ ابنُ القيِّم إلى تصحيحه , وذكر أن الحاكم رواه في مستدركه , وقال: إسناده صحيح , ولم أره في (المستدرك) لَا في (الطلاق) منه , ولا في (الفضائل) , والله أعلم.
وقال ابن تيمية في (الفتاوى (٣/ ١٨): (وهذا إسناد جيد).
وكلام الحافظ ابن حجر في (الفتح) (٩/ ٣١٦) يُشْعِر بأنه يرجِّحُ صحتَه أيضا , فإنه قال: (أخرجه أحمد وأبو يعلى , وصححه من طريق محمد بن إسحاق , وهذا الحديث نصٌّ في المسألة , لَا يقبل التأويل الذي في غيره من الروايات , ثم قال: ويقوِّي حديثَ ابن إسحاق المذكور ما أخرجه مسلم ...) ثم ساق الحديث. أ. هـ