للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(ك) , وَعَنْ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا عَلَى جَنَازَةٍ فِي بَابِ دِمَشْقَ مَعَنَا أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ وَأَخَذُوا فِي دَفْنِهَا، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ وَأَمْسَيْتُمْ فِي مَنْزِلٍ تَقْتَسِمُونَ فِيهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَتُوشِكُونَ أَنْ تَظْعَنُوا (١) مِنْهُ إِلَى الْمَنْزِلِ الْآخَرِ - وَهُوَ هَذَا يُشِيرُ إِلَى الْقَبْرِ - بَيْتُ الْوَحْدَةِ، وَبَيْتُ الظُّلْمَةِ وَبَيْتُ الدُّودِ، وَبَيْتُ الضِّيقِ , إِلَّا مَا وَسَّعَ اللهُ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَوَاطِنِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّكُمْ لَفِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ , حَتَّى يَغْشَى النَّاسَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ , فَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ , وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، ثُمَّ تَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَى مَنْزِلٍ آخَرَ , فَيَغْشَى النَّاسَ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ يُقْسَمُ النُّورُ , فَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ نُورًا , وَيُتْرَكُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَلَا يُعْطَيَانِ شَيْئًا , وَهُوَ الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ , ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ , إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا , وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (٢) وَلَا يَسْتَضِيءُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ بِنُورِ الْمُؤْمِنِ , كَمَا لَا يَسْتَضِيءُ الْأَعْمَى بِبَصَرِ الْبَصِيرِ , يَقُولُ الْمُنَافِقُ لِلَّذِينَ آمَنُوا: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ , قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} (٣) - وَهِيَ خُدْعَةُ الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْمُنَافِقُ - قَالَ اللهُ - عز وجل -: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (٤) فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قُسِمَ فِيهِ النُّورُ، فَلَا يَجِدُونَ شَيْئًا , فَيَنْصَرِفُونَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ {ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ , بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ , وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ , يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟} (٥) نُصَلِّي بِصَلَاتِكُمْ؟ , وَنَغْزُو بِمَغَازِيكُمْ؟ , {قَالُوا بَلَى، وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ , وَتَرَبَّصْتُمْ , وَارْتَبْتُمْ , وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ , حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ , وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ , فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا , مَأوَاكُمُ النَّارُ , هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. (٦)


(١) أَيْ: ترتحلوا.
(٢) [النور/٤٠]
(٣) [الحديد/١٣]
(٤) [النساء/١٤٢]
(٥) [الحديد/١٣ - ١٥]
(٦) (ك) ٣٥١١ , (الزهد لابن المبارك) ج٢ص١٠٨ , (هق في الأسماء والصفات) ١٠١٥ , وقال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسناد ولم يخرجاه , وقال الذهبي في التلخيص: صحيح