للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ) (١) (وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا " , فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ) (٢) (فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُطِيعُونِي؟ , قَالُوا: بَلَى , قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا , فَجَمَعُوا , فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا , فَأَوْقَدُوهَا , فَقَالَ: ادْخُلُوهَا) (٣) (فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ قَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِرَارًا مِنْ النَّارِ (٤) أَفَنَدْخُلُهَا؟) (٥) (فَلَا تَعْجَلُوا حَتَّى تَلْقَوْا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوهَا فَادْخُلُوا , فَرَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ , فَقَالَ لَهُمْ:) (٦) (لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (٧) لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ

اللهِ (٨) إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ (٩)) (١٠)

وفي رواية: " مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فلَا تُطِيعُوهُ " (١١)


(١) (خ) ٦٧٢٦
(٢) (م) ١٨٤٠
(٣) (خ) ٤٠٨٥
(٤) أَيْ: بِتَرْكِ دِين آبَائِنَا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٥١)
(٥) (خ) ٦٧٢٦
(٦) (حم) ٦٢٢ , (خ) ٤٠٨٥
(٧) قَالَ اِبْن الْقَيِّم رَحِمَهُ الله: اِسْتَشْكَلَ قَوْله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، وَلَمْ يَزَالُوا فِيهَا " مَعَ كَوْنهمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَفْعَلُوهُ إِلَّا ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ مِنْ الطَّاعَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا مُتَأَوِّلِينَ , وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا: أَنَّ دُخُولهمْ إِيَّاهَا مَعْصِيَة فِي نَفْس الْأَمْر، وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُبَادِرُوا , وَأَنْ يَتَثَبَّتُوا حَتَّى يَعْلَمُوا: هَلْ ذَلِكَ طَاعَة للهِ وَرَسُوله أَمْ لَا؟ , فَأَقْدَمُوا عَلَى الْهُجُوم وَالِاقْتِحَام مِنْ غَيْر تَثَبُّت وَلَا نَظَر، فَكَانَتْ عُقُوبَتهمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا فِيهَا.
وَفِي الْحَدِيث دَلِيل أَنَّ عَلَى مَنْ أَطَاعَ وُلَاة الْأَمْر فِي مَعْصِيَة الله كَانَ عَاصِيًا، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمَهِّد لَهُ عُذْرًا عِنْد الله، بَلْ إِثْم الْمَعْصِيَة لَا حَقّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَا الْأَمْرُ لَمْ يَرْتَكِبهَا , وَعَلَى هَذَا يَدُلّ هَذَا الْحَدِيث. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٥١)
(٨) هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ طَاعَة الْوُلَاة لَا تَجِب إِلَّا فِي الْمَعْرُوف , كَالْخُرُوجِ فِي الْبَعْث إِذَا أَمَرَ بِهِ الْوُلَاة، وَالنُّفُوذ لَهُمْ فِي الْأُمُور الَّتِي هِيَ الطَّاعَات وَمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَعْصِيَة , كَقَتْلِ النَّفْس الْمُحَرَّمَة وَمَا أَشْبَهَهُ , فَلَا طَاعَة لَهُمْ فِي ذَلِكَ. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٥١)
(٩) الْمُرَاد بِالْمَعْرُوفِ مَا كَانَ مِنْ الْأُمُور الْمَعْرُوفَة فِي الشَّرْع، هَذَا تَقْيِيد لِمَا أُطْلِقَ فِي الْأَحَادِيث الْمُطْلَقَة الْقَاضِيَة بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْر عَلَى الْعُمُوم. عون (ج٦ص ٥١)
(١٠) (م) ١٨٤٠ , (خ) ٦٨٣٠
(١١) (جة) ٢٨٦٣ , (حم) ١١٦٥٧, انظر الصَّحِيحَة: ٢٣٢٤