للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ لِوَفْدِ بُزَاخَةَ (١): تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ (٢) حَتَّى يُرِيَ اللهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ. (٣)


(١) هُمْ قَبِيلَة كَبِيرَة يُنْسَبُونَ إِلَى أَسَد بْن خُزَيْمَةَ بْن مُدْرِكَة , وَهُمْ إِخْوَة كِنَانَة بْن خُزَيْمَةَ أَصْل قُرَيْش وَغَطَفَان, وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْقَبَائِل اِرْتَدُّوا بَعْدَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَاتَّبَعُوا طُلَيْحَة بْن خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيَّ، وَكَانَ قَدْ اِدَّعَى النُّبُوَّة بَعْدَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَاعُوهُ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ , فَقَاتَلَهُمْ خَالِد بْن الْوَلِيد بَعْد أَنْ فَرَغَ مِنْ مُسَيْلِمَة بِالْيَمَامَةِ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِمْ بَعَثُوا وَفْدهمْ إِلَى أَبِي بَكْر.
(٢) أَيْ: فِي رِعَايَتهَا , لِأَنَّهُمْ إِذَا نُزِعَتْ مِنْهُمْ آلَة الْحَرْب رَجَعُوا أَعْرَابًا فِي الْبَوَادِي لَا عَيْش لَهُمْ إِلَّا مَا يَعُود عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَافِع إِبِلهمْ، قَالَ اِبْن بَطَّال: كَانُوا اِرْتَدُّوا ثُمَّ تَابُوا، فَأَوْفَدُوا رُسُلهمْ إِلَى أَبِي بَكْر يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ , فَأَحَبَّ أَبُو بَكْر أَنْ لَا يَقْضِيَ بَيْنَهُمْ إِلَّا بَعْدَ الْمُشَاوَرَة فِي أَمْرهمْ، فَقَالَ لَهُمْ: اِرْجِعُوا وَاتَّبِعُوا أَذْنَاب الْإِبِل فِي الصَّحَارِي، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِالْغَايَةِ الَّتِي أَنْظَرَهُمْ إِلَيْهَا أَنْ تَظْهَر تَوْبَتهمْ وَصَلَاحهمْ بِحُسْنِ إِسْلَامهمْ.
وقد ذَكَرَ الْبُخَارِيّ هَذِهِ الْقِطْعَة مِنْ الْخَبَر مُخْتَصَرَة، وَلَيْسَ غَرَضه مِنْهَا إِلَّا قَوْل أَبِي بَكْر خَلِيفَة نَبِيّه، وَلَفْظ الْحَدِيث الْحَادِي عَشَرَ مِنْ أَفْرَاد الْبُخَارِيّ عَنْ طَارِق بْن شِهَاب قَالَ " جَاءَ وَفْد بُزَاخَةَ مِنْ أَسَد وَغَطَفَان إِلَى أَبِي بَكْر يَسْأَلُونَهُ الصُّلْح، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْحَرْب الْمُجْلِيَة , وَالسِّلْم الْمُخْزِيَة، فَقَالُوا: هَذِهِ الْمُجْلِيَة قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الْمُخْزِيَة، قَالَ: نَنْزِع مِنْكُمْ الْحَلْقَة وَالْكُرَاع , وَنَغْنَم مَا أَصَبْنَا مِنْكُمْ، وَتَرُدُّونَ عَلَيْنَا مَا أَصَبْتُمْ مِنَّا , وَتَدُونَ لَنَا قَتْلَانَا، وَيَكُون قَتْلَاكُمْ فِي النَّار، وَتَتْرُكُونَ أَقْوَامًا يَتَّبِعُونَ أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يُرِي الله خَلِيفَة رَسُوله وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذُرُونَكُمْ بِهِ، فَعَرَضَ أَبُو بَكْر مَا قَالَ عَلَى الْقَوْم، فَقَامَ عُمَر فَقَالَ: قَدْ رَأَيْت رَأيًا وَسَنُشِيرُ عَلَيْك، أَمَّا مَا ذَكَرْت - فَذَكَرَ الْحُكْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ - قَالَ: فَنِعْمَ مَا ذَكَرْت، وَأَمَّا تَدُونَ قَتْلَانَا وَيَكُون قَتْلَاكُمْ فِي النَّار، فَإِنَّ قَتْلَانَا قَاتَلَتْ عَلَى أَمْر الله، وَأُجُورهَا عَلَى الله لَيْسَتْ لَهَا دِيَات " , قَالَ: فَتَتَابَعَ الْقَوْم عَلَى مَا قَالَ عُمَر , " وَالْمُجْلِيَة " مِنْ الْجَلَاء , وَمَعْنَاهَا: الْخُرُوج عَنْ جَمِيع الْمَال , وَ" الْمُخْزِيَة " مَأخُوذَة مِنْ الْخِزْي، وَمَعْنَاهَا: الْقَرَار عَلَى الذُّلّ وَالصَّغَار، وَ" الْحَلْقَة " السِّلَاح، وَ" الْكُرَاع " جَمِيع الْخَيْل , وَفَائِدَة نَزْع ذَلِكَ مِنْهُمْ أَنْ لَا يَبْقَى لَهُمْ شَوْكَة لِيَأمَنَ النَّاس مِنْ جِهَتهمْ، وَقَوْله " وَنَغْنَم مَا أَصَبْنَا مِنْكُمْ " أَيْ: يَسْتَمِرّ ذَلِكَ لَنَا غَنِيمَة نَقْسِمهَا عَلَى الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة وَلَا نَرُدّ عَلَيْكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَوْله " وَتَرُدُّونَ عَلَيْنَا مَا أَصَبْتُمْ مِنَّا " أَيْ: مَا اِنْتَهَبْتُمُوهُ مِنْ عَسْكَر الْمُسْلِمِينَ فِي حَالَة الْمُحَارَبَة، وَقَوْله " تَدُونَ " أَيْ: تَحْمِلُونَ إِلَيْنَا دِيَاتِهِمْ، وَقَوْله " قَتْلَاكُمْ فِي النَّار " أَيْ: لَا دِيَات لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , لِأَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى شِرْكهمْ، فَقُتِلُوا بِحَقٍّ فَلَا دِيَة لَهُمْ. فتح الباري (ج٢٠/ص٢٦٥)
(٣) (خ) ٦٧٩٥ , (ش) ٣٢٧٣١ , (هق) ١٧٤١٠