(٢) هُوَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، أَخُو أَبِي جَهْل , شَقِيقُهُ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْح، وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَة، وَاسْتُشْهِدَ فِي فُتُوح الشَّام. فتح الباري (١/ ١٨)
(٣) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ السُّؤَالُ عَنْ كَيْفِيَّةِ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ , أَوْ عَنْ كَيْفِيَّةِ ظُهُورِ الْوَحْيِ. فتح الباري لابن حجر (١/ ١٩)
(٤) (الصَّلْصَلَةُ) فِي الْأَصْلِ: صَوْتُ وُقُوعِ الْحَدِيدِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ , ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ لَهُ طَنِينٌ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمَحْمُودُ لَا يُشَبَّهُ بِالْمَذْمُومِ , إِذْ حَقِيقَةُ التَّشْبِيهِ إِلْحَاقُ نَاقِصٍ بِكَامِلٍ , وَالْمُشَبَّهُ الْوَحْيُ , وَهُوَ مَحْمُودٌ , وَالْمُشَبَّهُ بِهِ صَوْتُ الْجَرَسِ , وَهُوَ مَذْمُومٌ , لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ , وَالتَّنْفِيرِ مِنْ مُرَافَقَةِ مَا هُوَ مُعَلَّقٌ فِيهِ , وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّهُ لَا تَصْحَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ , كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا , فَكَيْفَ يُشَبَّهُ مَا فَعَلَهُ الْمَلَكُ بِأَمْرٍ تَنْفِرُ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟.
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي التَّشْبِيهِ تَسَاوِي الْمُشَبَّهِ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا , بَلْ وَلَا فِي أَخَصِّ وَصْفٍ لَهُ , بَلْ يَكْفِي اشْتِرَاكُهُمَا فِي صِفَةٍ مَا , فَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ الْجِنْسِ , فَذَكَرَ مَا أَلِفَ السَّامِعُونَ سَمَاعَهُ , تَقْرِيبًا لِأَفْهَامِهِمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْتَ لَهُ جِهَتَانِ: جِهَةُ قُوَّةٍ , وَجِهَةُ طَنِينٍ , فَمِنْ حَيْثُ الْقُوَّةُ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ , وَمِنْ حَيْثُ الطَّرَبُ وَقَعَ التَّنْفِيرُ عَنْهُ , وَعُلِّلَ بِكَوْنِهِ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُ وَقَعَ بَعْدَ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ , وَفِيهِ نَظَرٌ.
قِيلَ: وَالصَّلْصَلَةُ الْمَذْكُورَةُ صَوْتُ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ أَنَّهُ صَوْتٌ مُتَدَارَكٌ , يَسْمَعُهُ وَلَا يَتَبَيَّنُهُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ بَعْدُ.
وَقِيلَ: بَلْ هُوَ صَوْتُ حَفِيفِ أَجْنِحَةِ الْمَلَكِ , وَالْحِكْمَةُ فِي تَقَدُّمِهِ أَنْ يَقْرَعَ سَمْعَهُ الْوَحْيُ , فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَانٌ لِغَيْرِهِ , وَلَمَّا كَانَ الْجَرَسُ لَا تَحْصُلُ صَلْصَلَتُهُ إِلَّا مُتَدَارِكَةً , وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْآلَات. فتح الباري لابن حجر (١/ ٢٠)
(٥) قَوْله: (وَهُوَ أَشَدّه عَلَيَّ) يُفْهَم مِنْهُ أَنَّ الْوَحْيَ كُلَّهُ شَدِيدٌ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الصِّفَة أَشَدُّهَا , وَهُوَ وَاضِح؛ لِأَنَّ الْفَهْمَ مِنْ كَلَامٍ مِثْلَ الصَّلْصَلَةِ أَشْكَلُ مِنْ الْفَهْمِ مِنْ كَلَامِ الرَّجُل بِالتَّخَاطُبِ الْمَعْهُود.
وقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَةُ وَعِيدٍ أَوْ تَهْدِيدٍ , وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ , وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُرْآنِ , كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فِي قِصَّةِ لَابِسِ الْجُبَّةِ الْمُتَضَمِّخِ بِالطِّيبِ فِي الْحَجِّ , فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ رَآهُ - صلى الله عليه وسلم - حَالَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ , وَإِنَّهُ لَيَغِطُّ , وَفَائِدَةُ هَذِهِ الشِّدَّةُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشَقَّةِ من زِيَادَةِ الزُّلْفَى والدَّرَجَات. فَتْحِ (١/ ٢٠)
(٦) أَيْ: يُقْلِعُ وَيَتَجَلَّى مَا يَغْشَانِي، وَيُرْوَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ , وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي ذَرٍّ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ , وَفَتْحِ الصَّاد , عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.
وَأَصْل الْفَصْم: الْقَطْع، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَا اِنْفِصَام لَهَا} [البقرة: ٢٥٦].فَتْح (١/ ٢٠ - ٢١)
(٧) أَيِ: وَعَيْتُ عَنْهُ الْقَوْلَ الَّذِي جَاءَ بِهِ. فتح الباري لابن حجر (١/ ٢١)
(٨) التَّمَثُّلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمِثْلِ , أَيْ: يَتَصَوَّرُ , وَاللَّامُ فِي الْمَلَكِ لِلْعَهْدِ , وَهُوَ جِبْرِيلُ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَة ابن سَعْدٍ , وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ يَتَشَكَّلُ بِشَكْلِ الْبَشَرِ. فتح الباري لابن حجر (١/ ٢١)
(٩) قال الحافظ في الفتح (١/ ١٩ - ٢٠): وَأُورِدَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ وَهُوَ أَنَّ الْوَحْيَ مُنْحَصِرٌ فِي الْحَالَتَيْنِ , حَالَاتٌ أُخْرَى , إِمَّا مِنْ صِفَةِ الْوَحْيِ , كَمَجِيئِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ , وَالنَّفْثِ فِي الرُّوْعِ , وَالْإِلْهَامِ , وَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ , وَالتَّكْلِيمِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِلَا وَاسِطَةٍ , وَإِمَّا مِنْ صِفَةِ حَامِلِ الْوَحْيِ , كَمَجِيئِهِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ , وَرُؤْيَتِهِ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ سَدَّ الْأُفُقَ. وَالْجَوَابُ: مَنْعُ الْحَصْرِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُمَا , وَحَمْلُهُمَا عَلَى الْغَالِبِ ,
أَوْ حَمْلُ مَا يُغَايِرُهُمَا عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ السُّؤَالِ , أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضَ لِصِفَتَيِ الْمَلَكِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِنُدُورِهِمَا , فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ كَذَلِكَ إِلَّا مَرَّتَيْنِ , أَوْ لَمْ يَاتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِوَحْيٍ , أَوْ أَتَاهُ بِهِ فَكَانَ عَلَى مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ , فَإِنَّهُ بَيَّنَ بِهَا صِفَةَ الْوَحْي لَا صِفَةَ حَامِلِهِ , وَأَمَّا فُنُونُ الْوَحْيِ , فَدَوِيُّ النَّحْلِ لَا يُعَارِضُ صَلْصَلَةَ الْجَرَسِ , لِأَنَّ سَمَاعَ الدَّوِيِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَاضِرِينَ , كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ " يُسْمَعُ عِنْدَهُ كَدَوِيِّ النَّحْلِ " , وَالصَّلْصَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَبَّهَهُ عُمَرُ بَدَوِيِّ النَّحْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّامِعِينَ , وَشَبَّهَهُ هُوَ - صلى الله عليه وسلم - بِصَلْصَلَةِ الْجَرَسِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَقَامِهِ , وَأَمَّا النَّفْثُ فِي الرُّوْعِ , فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ , فَإِذَا أَتَاهُ الْمَلَكُ فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ , نَفَثَ حِينَئِذٍ فِي رُوْعِهِ , وَأَمَّا الْإِلْهَامُ , فَلَمْ يَقَعِ السُّؤَالُ عَنْهُ , لِأَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ صِفَةِ الْوَحْيِ الَّذِي يَأْتِي بِحَامِلٍ , وَكَذَا التَّكْلِيمُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ , وَأما الرُّؤْيَا الصَّالِحَة , فَقَالَ ابن بَطَّالٍ: لَا تَرِدُ , لِأَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ عَنِ النَّاسِ , لِأَنَّ الرُّؤْيَا قَدْ يَشْرَكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ انتهى.
وَالرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَإِنْ كَانَتْ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ , فَهِيَ بِاعْتِبَارِ صِدْقِهَا لَا غَيْرُ , وَإِلَّا لَسَاغَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُسَمَّى نَبِيًّا , وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(١٠) قال الحافظ في الفتح (١/ ٢١): قَوْلُهُ (قَالَتْ عَائِشَةُ) هُوَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ , كَمَا يَسْتَعْمِلُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كَثِيرًا , وَحَيْثُ يُرِيدُ التَّعْلِيقَ يَأْتِي بِحَرْفِ الْعَطْفِ , وَنُكْتَةُ هَذَا الِاقْتِطَاعِ هُنَا , اخْتِلَافُ التَّحَمُّلِ , لِأَنَّهَا فِي الْأَوَّلِ أَخْبَرَتْ عَنْ مَسْأَلَةِ الْحَارِثِ , وَفِي الثَّانِي أَخْبَرَتْ عَمَّا شَاهَدَتْ تَايِيدًا لِلْخَبَرِ الْأَوَّلِ.
(١١) قَوْلُهُ (لَيَتَفَصَّدُ) مَاخُوذٌ مِنَ الْفَصْدِ , وَهُوَ قَطْعُ الْعِرْقِ لِإِسَالَةِ الدَّمِ , شُبِّهَ جَبِينُهُ بِالْعِرْقِ الْمَفْصُودِ , مُبَالَغَةً فِي كَثْرَةِ الْعَرَقِ.
وَفِي قَوْلِهَا فِي " الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ " دِلَالَةٌ عَلَى كَثْرَةِ مُعَانَاةِ التَّعَبِ وَالْكَرْبِ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ , لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ , وَهُوَ كَثْرَةُ الْعَرَقِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ , فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِوُجُودِ أَمْرٍ طَارِئٍ زَائِدٍ عَلَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ.
(١٢) (خ) ٢ , (م) ٨٧ - (٢٣٣٣) , (ت) ٣٦٣٤ , (س) ٩٣٣ , (حم) ٢٥٢٩١
بحث في محتوى الكتب:
تنبيهات هامة: - افتراضيا يتم البحث عن "أي" كلمة من الكلمات المدخلة ويمكن تغيير ذلك عن طريق:
- استخدام علامة التنصيص ("") للبحث عن عبارة كما هي.
- استخدام علامة الزائد (+) قبل أي كلمة لجعلها ضرورية في البحث.
- استخدام علامة السالب (-) قبل أي كلمة لجعلها مستبعدة في البحث.
- يمكن استخدام الأقواس () للتعامل مع مجموعة من الكلمات.
- يمكن الجمع بين هذه العلامات في استعلام واحد، وهذه أمثلة على ذلك:
+شرح +قاعدة +"الضرورات تبيح المحظورات" سيكون لزاما وجود كلمة "شرح" وكلمة "قاعدة" وعبارة "الضرورات تبيح المحظورات"
+(شرح الشرح معنى) +قاعدة +"الضرورات تبيح المحظورات" سيكون لزاما وجود كلمة ("شرح" أو "الشرح" أو "معنى") وكلمة "قاعدة" وعبارة "الضرورات تبيح المحظورات"
+(التوكل والتوكل) +(اليقين واليقين) سيكون لزاما وجود كلمة ("التوكل" أو "والتوكل") ووجود كلمة ("اليقين" أو "واليقين")
بحث في أسماء المؤلفين
بحث في أسماء الكتب
تصفية النتائج
الغاء تصفية الأقسام الغاء تصفية القرون
نبذة عن المشروع:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute