للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م د) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّا قَوْمٌ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ) (١) (وَقَدْ جَاءَنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ , وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأتُونَ الْكُهَّانَ , قَالَ: " فلَا تَأتِهِمْ " , قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ , قَالَ: " ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فلَا يَصُدَّنَّهُمْ (٢) " , قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ (٣) قَالَ: " كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ , فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ (٤) ") (٥)


(١) (د) ٩٣٠ , (س) ١٢١٨
(٢) أَيْ أَنَّ الطِّيَرَةَ شَيْءٌ تَجِدُونَهُ فِي نُفُوسِكُمْ ضَرُورَةً , وَلَا عَتَب عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ لَكُمْ , فَلَا تَكْلِيفَ بِهِ، وَلَكِنْ لَا تَمْتَنِعُوا بِسَبَبِهِ مِنْ التَّصَرُّف فِي أُمُورِكُمْ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ , وَهُوَ مُكْتَسَبٌ لَكُمْ , فَيَقَعُ بِهِ التَّكْلِيف، فَنَهَاهُمْ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْعَمَلِ بِالطِّيَرَةِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ بِسَبَبِهَا، فَالطِّيَرَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا , لَا عَلَى مَا يُوجَدُ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ عَمَل. (النووي ج٢ص ٢٩٨)
(٣) قال ابن عباس: الخَطُّ هو الذي يَخُطُّه الحازِي (الكاهِنُ) وهو عِلْمٌ قد تَركه الناس , يأتي صاحبُ الحاجةِ إلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً , فيقولُ له: اقْعُدْ حتى أخُطَّ لك , وبين يَدَي الحازي غُلام له معه مِيلٌ , ثم يأتي إلى أرضٍ رِخْوة , فيخُطُّ فيها خُطوطاً كثيرة بالعَجَلة لئلا يَلْحَقَها العَدَدُ , ثم يَرْجِع فيَمْحو منها على مَهَل خَطَّين خَطَّين , وغُلامُه يقول للتَّفاؤُل: أبنَىْ عِيان , أسْرِعا البيان , فإن بَقِيَ خَطَّان , فهما علامةُ النُّجْح , وإن بقيَ خَطٌ واحد , فهو علامة الخَيْبة.
وقال الحَرْبيُّ: الخَطُّ هو أن يَخُطَّ ثلاثة خُطوط , ثم يضربُ عليهنَّ بشعير أو نوى , ويقول: يكون كذا وكذا , وهو ضَرْبٌ من الكِهانة. النهاية في غريب الأثر (ج٢ص١١٧)
(٤) اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ، والصَّحِيح أَنَّ مَعْنَاهُ: مَنْ وَافَقَهُ خَطَّهُ فَهُوَ مُبَاح لَهُ، وَلَكِنْ لَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى الْعِلْم الْيَقِينِيّ بِالْمُوَافَقَةِ , فَلَا يُبَاح. وَالْمَقْصُود: أَنَّهُ حَرَام، لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ إِلَّا بِيَقِينِ الْمُوَافَقَة، وَلَيْسَ لَنَا يَقِينٌ بِهَا وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: " فَمَنْ وَافَقَ خَطُّه فَذَاكَ "، وَلَمْ يَقُلْ: هُوَ حَرَام، بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى الْمُوَافَقَة، لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ يَدْخُلُ فِيهِ ذَاكَ النَّبِيُّ الَّذِي كَانَ يَخُطّ، فَحَافَظَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حُرْمَةِ ذَاكَ النَّبِيِّ , مَعَ بَيَانِ الْحَكَمِ فِي حَقّنَا , فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَاكَ النَّبِيَّ لَا مَنْعَ فِي حَقِّه، وَكَذَا لَوْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَتَه، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهَا. شرح النووي (ج٢ص ٢٩٨)
(٥) (م) ٥٣٧