(٢) أَيْ أَنَّ الطِّيَرَةَ شَيْءٌ تَجِدُونَهُ فِي نُفُوسِكُمْ ضَرُورَةً , وَلَا عَتَب عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ لَكُمْ , فَلَا تَكْلِيفَ بِهِ، وَلَكِنْ لَا تَمْتَنِعُوا بِسَبَبِهِ مِنْ التَّصَرُّف فِي أُمُورِكُمْ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ , وَهُوَ مُكْتَسَبٌ لَكُمْ , فَيَقَعُ بِهِ التَّكْلِيف، فَنَهَاهُمْ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْعَمَلِ بِالطِّيَرَةِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ بِسَبَبِهَا، فَالطِّيَرَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا , لَا عَلَى مَا يُوجَدُ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ عَمَل. (النووي ج٢ص ٢٩٨)(٣) قال ابن عباس: الخَطُّ هو الذي يَخُطُّه الحازِي (الكاهِنُ) وهو عِلْمٌ قد تَركه الناس , يأتي صاحبُ الحاجةِ إلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً , فيقولُ له: اقْعُدْ حتى أخُطَّ لك , وبين يَدَي الحازي غُلام له معه مِيلٌ , ثم يأتي إلى أرضٍ رِخْوة , فيخُطُّ فيها خُطوطاً كثيرة بالعَجَلة لئلا يَلْحَقَها العَدَدُ , ثم يَرْجِع فيَمْحو منها على مَهَل خَطَّين خَطَّين , وغُلامُه يقول للتَّفاؤُل: أبنَىْ عِيان , أسْرِعا البيان , فإن بَقِيَ خَطَّان , فهما علامةُ النُّجْح , وإن بقيَ خَطٌ واحد , فهو علامة الخَيْبة.وقال الحَرْبيُّ: الخَطُّ هو أن يَخُطَّ ثلاثة خُطوط , ثم يضربُ عليهنَّ بشعير أو نوى , ويقول: يكون كذا وكذا , وهو ضَرْبٌ من الكِهانة. النهاية في غريب الأثر (ج٢ص١١٧)(٤) اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ، والصَّحِيح أَنَّ مَعْنَاهُ: مَنْ وَافَقَهُ خَطَّهُ فَهُوَ مُبَاح لَهُ، وَلَكِنْ لَا طَرِيقَ لَنَا إِلَى الْعِلْم الْيَقِينِيّ بِالْمُوَافَقَةِ , فَلَا يُبَاح. وَالْمَقْصُود: أَنَّهُ حَرَام، لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ إِلَّا بِيَقِينِ الْمُوَافَقَة، وَلَيْسَ لَنَا يَقِينٌ بِهَا وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: " فَمَنْ وَافَقَ خَطُّه فَذَاكَ "، وَلَمْ يَقُلْ: هُوَ حَرَام، بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى الْمُوَافَقَة، لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ يَدْخُلُ فِيهِ ذَاكَ النَّبِيُّ الَّذِي كَانَ يَخُطّ، فَحَافَظَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حُرْمَةِ ذَاكَ النَّبِيِّ , مَعَ بَيَانِ الْحَكَمِ فِي حَقّنَا , فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَاكَ النَّبِيَّ لَا مَنْعَ فِي حَقِّه، وَكَذَا لَوْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَتَه، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهَا. شرح النووي (ج٢ص ٢٩٨)(٥) (م) ٥٣٧
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute