للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ أَحَدٍ تَوْبَةً أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " (١)

وفي رواية: " لَا يَقْبَلُ اللهُ تَوْبَةَ عَبْدٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " (٢)

الشرح (٣)


(١) (حم) ٢٠٠٢٥ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(٢) (حم) ٢٠٠٣٢ , الصَّحِيحَة: ٢٥٤٥ , وقال الأرناءوط: إسناده حسن.
(٣) قال الألباني في الصَّحِيحَة ٢٥٤٥: الإشكال واردٌ على ظاهرِه، فهو في ذلك كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران/٩٠] , ولذلك أشكل على كثير من المفسرين , لأنه بظاهرها مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من قَبول توبة الكافر، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى قبل الْآية المذكورة: {كَيْفَ يَهْدِي اللهِ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ , وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ , وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ , وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ , أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ , خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ , إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران/٨٦ - ٨٩]
فاضطربت أقوال المفسرين في التوفيق بين الآيتين، فمعنى قوله في الحديث: " لَا يَقْبَلُ اللهُ تَوْبَةَ عَبْدٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " أَيْ: توبتُه من ذنبٍ في أثناء كفره، لأن التوبةَ من الذنب عمل , والشِّرك يُحبطه , كما قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر/٦٥] فكذلك قوله تعالى في الْآية: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} أَيْ: من ذنوبِهم، وليس من كفرِهم , وهذا هو الذي اختاره إمامُ المفسرين ابن جرير - رحمه الله - فأخرج عن أبي العالية قال: هؤلاء اليهود والنصارى , كفروا بعد إيمانهم، ثم ازدادوا كفرا بذنوبٍ أذنبوها، ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم, فلم تُقبل توبتُهم , ولو كانوا على الهدى قُبِلَت، ولكنهم على ضلالة. أ. هـ