(٢) (حم) ٨٧٩٠ , (د) ٢٠٤٢ , صحيح الجامع: ٧٢٢٦ , المشكاة: ٩٢٦ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.(٣) قَالَ الْمُنَاوِيُّ: وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ اِجْتِمَاعَ الْعَامَّةِ فِي بَعْضِ أَضْرِحَةِ الْأَوْلِيَاء فِي يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ مَخْصُوصٍ مِنْ السَّنَة , وَيَقُولُونَ: هَذَا يَوْمُ مَوْلِدِ الشَّيْخ , وَيَأكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ , وَرُبَّمَا يَرْقُصُونَ فِيهِ , مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَعَلَى وَلِيِّ الشَّرْعِ رَدْعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ , وَإِنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ وَإِبْطَالُه.وقَالَ الْإِمَام اِبْن تَيْمِيَة: الْعِيد: اِسْمُ مَا يَعُودُ مِنْ الِاجْتِمَاعِ الْعَامِّ عَلَى وَجْهٍ مُعْتَادٍ عَائِدًا مَا يَعُودُ السَّنَةَ , أَوْ يَعُودُ الْأُسْبُوعَ , أَوْ الشَّهْرَ وَنَحْو ذَلِكَ , والْحَدِيث يُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَا يَنَالُنِي مِنْكُمْ مِنْ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَحْصُلُ مَعَ قُرْبكُمْ مِنْ قَبْرِي وَبُعْدِكُمْ عَنْهُ , فَلَا حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى اِتِّخَاذِه عِيدًا.وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ السَّفَرِ لِزِيَارَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَهَذَا يُمْكِنُ اِسْتِحْصَالُهُ مِنْ بُعْدٍ , كَمَا يُمْكِنُ مِنْ قُرْب، وَأَنَّ مَنْ سَافَرَ إِلَيْهِ وَحَضَرَ مِنْ نَاسٍ آخَرِينَ , فَقَدْ اِتَّخَذَهُ عِيدًا , وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِنَصِّ الْحَدِيث، فَثَبَتَ مَنْعُ شَدِّ الرَّحْلِ لِأَجْلِ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ النَّصّ، كَمَا ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ جَعْلِهِ عِيدًا بِدَلَالَةِ النَّصّ، وَهَاتَانِ الدِّلَالَتَانِ مَعْمُولٌ بِهِمَا عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُول، وَوَجْهُ هَذِهِ الدِّلَالَةِ عَلَى الْمُرَاد قَوْله: " تَبْلُغنِي حَيْثُ كُنْتُمْ " , فَإِنَّهُ يُشِيرُ إِلَى الْبُعْد، وَالْبَعِيدُ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَحْصُلُ لَهُ الْقُرْبُ إِلَّا بِاخْتِيَارِ السَّفَرِ إِلَيْهِ، وَالسَّفَرُ يَصْدُقُ عَلَى أَقَلِّ مَسَافَةٍ مِنْ يَوْم , فَكَيْفَ بِمَسَافَةٍ بَاعِدَة، فَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ السَّفَرِ لِأَجْلِ الزِّيَارَةِ , وَالله أَعْلَم.قَالَ فِي " فَتْح الْمَجِيد شَرْح كِتَاب التَّوْحِيد ": وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا شَيْخُ الْإِسْلَام -أَعْنِي مَنْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ قُبُور الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ- وَنُقِلَ فِيهَا اِخْتِلَافُ الْعُلَمَاء، فَمِنْ مُبِيحٍ لِذَلِكَ كَالْغَزَالِيِّ , وَأَبِي مُحَمَّد الْمَقْدِسِيِّ، وَمِنْ مَانِعٍ لِذَلِكَ كَابْنِ بَطَّة , وَابْن عُقَيْل , وَأَبِي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض , وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُور , نَصَّ عَلَيْهِ مَالِك , وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّة , وَهُوَ الصَّوَاب , لِحَدِيثِ شَدِّ الرِّحَالِ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِد كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ. اِنْتَهَىوَاعْلَمْ أَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَفُ مِنْ أَكْثَرِ الطَّاعَاتِ , وَأَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِ الْمَنْدُوبَات , لَكِنْ يَنْبَغِي لِمَنْ يُسَافِرُ أَنْ يَنْوِيَ زِيَارَةَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ , ثُمَّ يَزُورُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيُصَلِّي وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ , اللهمَّ ارْزُقْنَا زِيَارَةَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ وَزِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - آمِينَ. عون المعبود - (ج ٤ / ص ٤٢٥)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute