للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ت طب) , وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: " يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ (١) ") (٢) (فَطَرَحْتُهُ) (٣) (وَسَمِعْتُهُ " يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ (٤) وَرُهْبَانَهُمْ (٥) أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} (٦)) (٧) (حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا " , فَقُلْتُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ , فَقَالَ: " أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟ , وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟ " , قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: " فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ ") (٨)

الشرح (٩)


(١) (الْوَثَنَ): كُلُّ مَا لَهُ جُثَّةٌ مَعْمُولَةٌ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ , أَوْ مِنْ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ , كَصُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَالصَّنَمُ: الصُّورَةُ بِلَا جُثَّةٍ. تحفة (٧/ ٤١٨)
(٢) (ت) ٣٠٩٥ , (طب) (١٧/ ٩٢ح٢١٨) , انظر غاية المرام: ٦
(٣) (طب) (١٧/ ٩٢ح٢١٨)
(٤) أَيْ: عُلَمَاءَ الْيَهُودِ. تحفة الأحوذي - (ج ٧ / ص ٤١٨)
(٥) أَيْ: عُبَّادَ النَّصَارَى. تحفة الأحوذي - (ج ٧ / ص ٤١٨)
(٦) [التوبة/٣١]
(٧) (ت) ٣٠٩٥ , (طب) (١٧/ ٩٢ح٢١٨) , انظر غاية المرام: ٦
(٨) (طب) (١٧/ ٩٢ح٢١٨) , (ت) ٣٠٩٥ , انظر غاية المرام: ٦
(٩) قَالَ فِي " فَتْحِ الْبَيَانِ ": فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَزْجُرُ مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ عَنْ التَّقْلِيدِ فِي دِينِ اللهِ، وَإيثَارُ مَا يَقُولُهُ الْأَسْلَافُ عَلَى مَا فِي الْكِتَاب الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ , فَإِنَّ طَاعَةَ الْمُتَمَذْهِبِ لِمَنْ يَقْتَدِي بِقَوْلِهِ , وَيَسْتَنُّ بِسُنَّتِهِ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ , مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ , وَقَامَتْ بِهِ حُجَجُ اللهِ وَبَرَاهِينُهُ , هُوَ كَاِتِّخَاذِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِلْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ , لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوهُمْ , بَلْ أَطَاعُوهُمْ وَحَرَّمُوا مَا حَرَّمُوا , وَحَلَّلُوا مَا حَلَّلُوا، وَهَذَا هُوَ صَنِيعُ الْمُقَلِّدِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ شَبَهِ الْبَيْضَةِ بِالْبَيْضَةِ، وَالتَّمْرَةِ بِالتَّمْرَةِ، وَالْمَاءِ بِالْمَاءِ , فَيَا عِبَادَ اللهِ مَا بَالُكُمْ تَرَكْتُمْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ جَانِبًا , وَعَمَدْتُمْ إِلَى رِجَالٍ هُمْ مِثْلُكُمْ فِي تَعَبُّدِ اللهِ لَهُمْ بِهِمَا، وَطَلَبِهِ لِلْعَمَلِ مِنْهُمْ بِمَا دَلَّا عَلَيْهِ وَأَفَادَاهُ , فَعَمِلْتُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ الْآرَاءِ الَّتِي لَمْ تُعْمَدْ بِعِمَادِ الْحَقِّ، وَلَمْ تُعْضَدْ بِعَضُدِ الدِّينِ , وَنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، تُنَادِي بِأَبْلَغِ نِدَاءٍ، وَتُصَوِّتُ بِأَعْلَى صَوْتٍ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَيُبَايِنُهُ، فَأَعَرْتُمُوهَا آذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، وَأَذْهَانًا كَلِيلَةً، وَخَوَاطِرَ عَلِيلَةً، وَأَنْشَدْتُمْ بِلِسَانِ الْحَالِ:
وَمَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ , إِنْ غَوَتْ غَوَيْت ... وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ. اِنْتَهَى.
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: " قَالَ شَيْخُنَا وَمَوْلَانَا خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ وَالْمُجْتَهِدِينَ - رضي الله عنه -: قَدْ شَاهَدْتُ جَمَاعَةً مِنْ مُقَلِّدَةِ الْفُقَهَاءِ , قُرِئَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ , فَكَانَتْ مَذَاهِبُهُمْ بِخِلَافِ تِلْكَ الْآيَاتِ فَلَمْ يَقْبَلُوا تِلْكَ الْآيَاتِ , وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا , وَبَقَوْا يَنْظُرُونَ إِلَيَّ كَالْمُتَعَجِّبِ يَعْنِي: كَيْفَ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الْآيَاتِ؟ , مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ سَلَفِنَا وَرَدَتْ إِلَى خِلَافِهَا؟.
وَلَوْ تَأَمَّلْتَ حَقَّ التَّأَمُّلِ , وَجَدْتَ هَذَا الدَّاءَ سَارِيًا فِي عُرُوقِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ". اِنْتَهَى. تحفة الأحوذي (ج ٧ / ص ٤١٨)