للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " الْمِرَاءُ , وفي رواية: (الْجِدَالٌ) (١) فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ (٢) فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ , فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ (٣) " (٤)


(١) (حم) ٧٤٩٩ , وقال الشيخ الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ الشَّكُّ فِي كَوْنِهِ كَلَامَ الله، أَوْ أَرَادَ الْخَوْضَ فِيهِ بِأَنَّهُ مُحْدَث أَوْ قَدِيم، أَوْ الْمُجَادَلَة فِي الْآي الْمُتَشَابِهَة وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْجُحُود والفِتن , وإراقة الدماء.
وقال القاضي: أراد بالمراء: التَّدَارُؤ, وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضَه ببعض , فيتطرق إليه قدحٌ وطعن. فيض القدير (٦/ ٣٤٤)
قَالَ الْإِمَام اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: الْمِرَاء: الْجِدَال وَالتَّمَارِي، وَالْمُمَارَاة: الْمُجَادَلَة عَلَى مَذْهَب الشَّكّ وَالرِّيبَة, وَيُقَال لِلْمُنَاظَرَةِ (مُمَارَاة) , لِأَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يَسْتَخْرِج مَا عِنْد صَاحِبه وَيَمْتَرِيه , كَمَا يَمْتَرِي الْحَالِب اللَّبَن مِنْ الضَّرْع.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: لَيْسَ وَجْهُ الْحَدِيثِ عِنْدنَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّأوِيل , وَلَكِنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظ , وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ عَلَى حَرْف، فَيَقُولُ الْآخَر: لَيْسَ هُوَ هَكَذَا , وَلَكِنَّهُ عَلَى خِلَافه , وَكِلَاهُمَا مُنَزَّلٌ مَقْرُوءٌ بِهِ، فَإِذَا جَحَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِرَاءَةَ صَاحِبِه , لَمْ يُؤْمَن أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُخْرِجهُ إِلَى الْكُفْر , لِأَنَّهُ نَفَى حَرْفًا أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى نَبِيِّه.
وَقِيلَ: إِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِي الْجِدَال وَالْمِرَاء فِي الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْر الْقَدَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَعَانِي عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْكَلَامِ , وَأَصْحَابِ الْأَهْوَاء وَالْآرَاء دُون مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْأَحْكَامِ وَأَبْوَابِ الْحَلَال وَالْحَرَام , فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ جَرَى بَيْن الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْعُلَمَاء , وَذَلِكَ فِيمَا يَكُون الْغَرَضُ مِنْهُ وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ ظُهُورُ الْحَقِّ لِيُتْبَع , دُون الْغَلَبَةِ وَالتَّعْجِيز.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ أَنْ يَرُومَ تَكْذِيبَ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ , لِيَدْفَع بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِد فِي التَّوْفِيق بَيْن الْمُتَخَالِفِينَ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ عَقِيدَةَ السَّلَف، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ , فَلْيَكِلْهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى.
وَقِيلَ: هُوَ الْمُجَادَلَةُ فِيهِ , وَإِنْكَارُ بَعْضهَا. عون المعبود (١٠/ ١٢٣)
(٣) وقال القاضي: من حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات , والجمع بين المختلفات ما أمكنه , فإن القرآن يُصَدِّقُ بعضُه بعضا , فإن أَشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق , فليعتقد أنه من سوء فهمه , ولْيَكِلْهُ إلى عالِمِه , وهو الله ورسوله {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}. [النساء: ٥٩]. فيض القدير (٦/ ٣٤٤)
(٤) (حم) ٧٩٧٦ , (د) ٤٦٠٣ , صحيح الجامع: ٣١٠٦ , الصَّحِيحَة تحت حديث: ١٥٢٢ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.