للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ: (" الْتَقَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُشْرِكُونَ [يَوْمَ خَيْبَرَ] (١) فَاقْتَتَلُوا , فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ (٢) " , وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ - وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً (٣) إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ - فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أَجْزَأَ (٤) مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ") (٥) (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ (٦)) (٧) (فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ) (٨) (خَرَجَ مَعَهُ , فَكَانَ كُلَّمَا وَقَفَ , وَقَفَ مَعَهُ , وَإِذَا أَسْرَعَ , أَسْرَعَ مَعَهُ , فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا) (٩) (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ , فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِلَى النَّارِ ", قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ , فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ , وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى) (١٠) (أَلَمِ الْجِرَاحِ) (١١) (فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ, فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ , وَذُبَابَهُ (١٢) بَيْنَ ثَدْيَيْهِ , ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ) (١٣) (حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ) (١٤) (فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (١٥) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ , صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ , انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ (١٦)) (١٧) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اللهُ أَكْبَرُ , أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ) (١٨) (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ (١٩) وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ , وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ , وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) (٢٠) (وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ) (٢١) (ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ) (٢٢)

وفي رواية: (إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ (٢٣)) (٢٤) (وَإِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ") (٢٥)

الشرح (٢٦)


(١) (خ) ٣٩٦٧
(٢) أَيْ: رَجَعَ بَعْد فَرَاغِ الْقِتَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْم. فتح الباري (١٢/ ٢٣)
(٣) الشَّاذَّة: مَا اِنْفَرَدَ عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَالفاذَّة: مِثْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِط بِهِمْ، ثُمَّ هُمَا صِفَة لِمَحْذُوفٍ أَيْ: نَسَمَة، وَالْهَاء فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْقَى شَيْئًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالشَّاذِّ وَالْفَاذِّ: مَا كَبُرَ وَصَغُرَ.
وَقِيلَ: الشَّاذُّ: الْخَارِجُ , وَالْفَاذُّ: الْمُنْفَرِدُ.
وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٢٣)
(٤) أَيْ: مَا أَغْنَى. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٢٣)
(٥) (خ) ٢٧٤٢ , (م) ١١٢
(٦) أَيْ: أَنَا أَصْحَبُهُ فِي خُفْيَة , وَأُلَازِمُهُ لِأَنْظُر السَّبَبَ الَّذِي بِهِ يَصِيرُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ , فَإِنَّ فِعْلَه فِي الظَّاهِر جَمِيل , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّار، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ عَجِيبٍ. شرح النووي (١/ ٢٢٦)
(٧) (خ) ٣٩٧٠
(٨) (خ) ٢٨٩٧ , (حم) ١٧٢٥٧
(٩) (خ) ٢٧٤٢ , (م) ١١٢
(١٠) (خ) ٢٨٩٧ , (م) ١١١
(١١) (خ) ٦٢٣٢
(١٢) أَيْ: رأس سيفه.
(١٣) (خ) ٢٧٤٢ , (م) ١١٢
(١٤) (خ) ٦١٢٨
(١٥) اشتدَّ: أسرع المشي , ركض.
(١٦) قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ , وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ.
وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " أَيْ: إِنْ لَمْ يَغْفِرْ اللهُ لَهُ. فتح الباري (ج ١٢ / ص ٢٤)
(١٧) (خ) ٣٩٦٧ , (حم) ٨٠٧٧
(١٨) (خ) ٢٨٩٧ , (م) ١١١
(١٩) قوله: " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأَمْرِ يكونُ بِخِلافِ ذلك. جامع العلوم والحكم - (ج ٦ / ص ٣٠)
(٢٠) (خ) ٢٧٤٢ , (م) ١١٢
(٢١) (خ) ٦٢٣٣ , (حم) ٢٢٨٨٦
(٢٢) (خ) ٢٨٩٧ , (م) ١١١
(٢٣) أي: مؤمن خالص , احترازا عن المنافق , أو مؤمن كامل , فالمراد: دخولها مع الفائزين دخولا أَوَّلِيًّا غير مسبوقٍ بعذاب. المرقاة (١٧/ ١٤٨)
(٢٤) (خ) ٣٩٧٠
(٢٥) (خ) ٢٨٩٧ , (م) ١١١
(٢٦) المراد بالفاجر: الفاسق , إن كان الرجل مسلما حقيقة , أو الكافر , إن كان منافقا. فيض القدير - (ج ٢ / ص ٣٢٩)
ومن نظائره: من يصنِّف , أو يدرِّس , أو يعلم , أو يتعلم , أو يؤذن , أو يؤم , أو يأتم , وأمثال ذلك , كمن يبني مسجدا , أو مدرسة , لغرضٍ فاسد , وقصدٍ كاسد , مما يكون سببًا لِنِظَام الدين , وقِوَامِ المسلمين , وصاحبُه من جملة المحرومين , جعلنا الله تعالى من المُخْلِصين , بل من المُخْلَصين. مرقاة المفاتيح (ج ١٧ / ص ١٤٨)
وفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِالْأَعْمَالِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَتَّكِل عَلَيْهَا وَلَا يَرْكَن إِلَيْهَا , مَخَافَةً مِنْ اِنْقِلَاب الْحَال , لِلْقَدَرِ السَّابِقِ مِنَ اللهِ , وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ لَا يَقْنَط, وَيَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ لَا يُقَنِّطَهُ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى. النووي (١/ ٢٢٦)