للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ت) , وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَتَأمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ , وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ , أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ , ثُمَّ تَدْعُونَهُ فلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ " (١)

الشرح (٢)


(١) (ت) ٢١٦٩ , (حم) ٢٣٣٤٩ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ٧٠٧٠ , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ٢٣١٣
(٢) قال البيهقي في الشُّعَب ح٧٢٩٦: قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: " فَثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وُجُوبُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْقَ مَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنافقين، لأَنَّهُ قَالَ: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} , وَقَالَ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ أَخَصَّ أَوْصَافِ الْمُؤْمِنِينَ , وَأَقْوَاهَا دِلالَةً عَلَى صِحَّةِ عَقْدِهِمْ , وَسَلامَةِ سَرِيرَتِهِمْ , هُوَ الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ.
ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يَلِيقُ بِكُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْفُرُوضِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ بِهَا سُلْطَانُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَتْ إِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَيْهِ، وَالتَّعْزِيرُ مَوْكُولا إِلَى رَأيِهِ، فَيَنْصِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ , وَفِي كُلِّ قَرْيَةٍ رَجُلًا صَالِحًا قَوِيًّا عَالِمًا أَمِينًا وَيَأمُرُهُ بِمُرَاعَاةِ الأَحْوَالِ الَّتِي تَجْرِي، فَلا يَرَى وَلَا يَسْمَعُ مُنْكَرًا إِلَّا غَيَّرَهُ، وَلَا يُبْقِي مَعْرُوفًا مُحْتَاجًا إِلَى الأَمْرِ بِهِ إِلَّا أَمَرَهُ، وَكُلَّمَا وَجَبَ عَلَى فَاسِقٍ حَدٌّ أَقَامَهُ وَلَمْ يُعَطِّلْهُ، فَالَّذِي شَرَعَهُ أَعْلَمُ بِطَرِيقِ سِيَاسَتِهِمْ.
قَالَ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ بَيْنَ فَضْلِ الْعِلْمِ وَصَلاحِ الْعَمَلِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى الْمَعْرُوفِ , وَيَزْجُرَ عَنِ الْمُنْكَرِ بِمِقْدَارِ طَاقَتِهِ , إِلَّا مَا كَانَ طَرِيقُهُ طَرِيقَ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ إِلَّا الْقَوْلَ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يُطِقْ إِلَّا الإِنْكَارَ بِالْقَلْبِ أَنْكَرَ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ , مِثْلُ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ". أ. هـ