(٢) الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارهنَّ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ الْأُمَّة , إِلَّا الْقَلِيل , لِلْحَدِيثِ هَذَا، وَلِأَنَّ الْأَصْل: تَحْرِيمُ الْمُبَاشَرَة , إِلَّا لِمَا أَحَلَّهُ الله , وَلَمْ يُحِلّ تَعَالَى إِلَّا الْقُبُل , كَمَا دَلَّ لَهُ قَوْله {فَأتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} , وَقَوْله: {فَأتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ الله} فَأَبَاحَ مَوْضِعَ الْحَرْث، وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْحَرْثِ: نَبَاتُ الزَّرْع , فَكَذَلِكَ النِّسَاء , الْغَرَضُ مِنْ إِتْيَانهنَّ هُوَ طَلَبُ النَّسْل , لَا قَضَاءُ الشَّهْوَة , وَهُوَ لَا يَكُون إِلَّا فِي الْقُبُل فَيَحْرُمُ مَا عَدَا مَوْضِعِ الْحَرْث , وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُه , لِعَدَمِ الْمُشَابَهَةِ فِي كَوْنِهِ مَحَلًّا لِلزَّرْعِ.وَأَمَّا مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاع فِيمَا عَدَا الْفَرْج , فَمَأخُوذٌ مِنْ دَلِيلٍ آخَر , وَهُوَ جَوَازُ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فِيمَا عَدَا الْفَرْج.وَذَهَبَتْ الْإِمَامِيَّة إِلَى جَوَازِ إِتْيَانِ الزَّوْجَة , وَالْأَمَة , بَلْ وَالْمَمْلُوكِ فِي الدُّبُر.وَفِي الْهَدْي النَّبَوِيِّ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُرَخِّص فِيهِ , بَلْ أَنْهَى عَنْهُ , وَقَالَ: إِنَّ مَنْ نَقَلَ عَنْ الْأَئِمَّة إِبَاحَتَه , فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِمْ أَفْحَشَ الْغَلَطِ وَأَقْبَحِه , وَإِنَّمَا الَّذِي أَبَاحُوهُ أَنْ يَكُون الدُّبُرُ طَرِيقًا إِلَى الْوَطْءِ فِي الْفَرْج، فَيَطَأُ مِنْ الدُّبُر , لَا فِي الدُّبُر , فَاشْتَبَهَ عَلَى السَّامِع. عون المعبود (٥/ ٤٥)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute