للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حم) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" مَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ , أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ) (١)

وفي رواية: (تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ , فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ , لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلًا وَلَا صَرْفًا ") (٢)

الشرح (٣)


(١) (جة) ٢٦٠٩ , (م) ٤٦٧ - (١٣٧٠) , (ت) ٢١٢٠ , (د) ٥١١٥
(٢) (حم) ٩١٦٢ , (خ) ٣٠٠١ , (م) ٢٠ - (١٣٧٠) , (ت) ٢١٢٧
(٣) مفهوم قوله " بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ " أنه إذا كان بإذن مواليه , فلا بأس، وفي هذا إشكال , لأن الولاء لُحْمَة كَلُحْمَةِ النَّسَب , لا يُوهَب ولا يُورث ولا يُباع، فهذا فيه إشكال , ويحله صاحب الفتح (٦/ ٩٨) حيث قال: لَمْ يُجْعَلْ الْإذْنُ شَرْطًا لِجَوَازِ الِادِّعَاء، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَأكِيدِ التَّحْرِيم، لِأَنَّهُ إِذَا اِسْتَأذَنَهُمْ فِي ذَلِكَ , مَنَعُوهُ وَحَالُوا بَيْنَه وَبَيْنَ ذَلِكَ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ بَيْعِه، فَإِذَا وَقَعَ بَيْعُه , جَازَ لَهُ الِانْتِمَاءُ إِلَى مَوْلَاهُ الثَّانِي , وَهُوَ غَيْرُ مَوْلَاهُ الْأَوَّل.
أَوْ الْمُرَادُ: مُوَالَاةُ الْحِلْف , فَإِذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ عَنْهُ , لَا يَنْتَقِل إِلَّا بِإِذْنٍ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَلَاءَ الْعِتْق , لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْله " مَنْ اِدَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ " , وَالْجَمْع بَيْنَهُمَا بِالْوَعِيدِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَب، فَإِذَا نُسِبَ إِلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ , كَانَ كَالدَّعِيِّ الَّذِي تَبَرَّأَ عَمَّنْ هُوَ مِنْهُ , وَأَلْحَقَ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ , فَيَسْتَحِقُّ بِهِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ عَنْ الرَّحْمَة.
ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الْإِذْنِ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ , وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ لِلتَّقْيِيدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَانِع، وَهُوَ إِبْطَالُ حَقِّ مَوَالِيه , فَأَوْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِب.
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب الحج من صحيح البخاري (٣/ ٤٤):
حَمْلُه على ولاية العهد هو أقرب شيء , لأنه في سياق المعاهدة , فهو أقرب شيء , فيكون إذا انتقل إلى ولاية معاهدة مع قوم " بغير إذن مواليه " استحق هذا الواجب.
يعني مثلاً فيما سبق , يكون بين الإنسان وبين قبيلة من القبائل معاهدة يدخلون في عهده، دخل في عهده، كما فعل خزاعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية. فإذا دخل في عهدهم , فإنه لا يحلُّ أن ينتقلَ إلى وَلاءِ آخرين إلا بإذن هؤلاء , وحينئذٍ لا إشكال. أ. هـ