للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(جة) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنهما - قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْر (١): مَالِيَ لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ , وَفُلَانًا , وَفُلَانًا؟، فَقَالَ: أَمَا إنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَنْ كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمِّدًا , فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " (٢)

الشرح (٣)


(١) أَيْ: اِبْن الْعَوَّام. فتح الباري (ح١٠٧)
(٢) (جة) ٣٦ , (خ) ١٠٧ , (د) ٣٦٥١
(٣) فِي تَمَسُّكِ الزُّبَيْرِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ اِخْتِيَارِ قِلَّةِ التَّحْدِيثِ دَلِيلٌ لِلْأَصَحِّ فِي أَنَّ الْكَذِبَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ , سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَمْ خَطَأ، وَالْمُخْطِئُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأثُومٌ بِالْإِجْمَاعِ , لَكِنَّ الزُّبَيْرَ خَشِيَ مِنْ الْإِكْثَارِ أَنْ يَقَعَ فِي الْخَطَأ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَأثَمْ بِالْخَطَأِ , لَكِنْ قَدْ يَأثَمُ بِالْإِكْثَارِ , إِذْ الْإِكْثَارُ مَظِنَّةُ الْخَطَأ، وَالثِّقَةُ إِذَا حَدَّثَ بِالْخَطَأِ فَحُمِلَ عَنْهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّهُ خَطَأٌ , يُعْمَل بِهِ عَلَى الدَّوَامِ , لِلْوُثُوقِ بِنَقْلِهِ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِلْعَمَلِ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ الشَّارِعُ , فَمَنْ خَشِيَ مِنْ إِكْثَارِ الْوُقُوعِ فِي الْخَطَأ , لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْإِثْمُ إِذَا تَعَمَّدَ الْإِكْثَارَ، فَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ الزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ الْإِكْثَارِ مِنْ التَّحْدِيثِ , وَأَمَّا مَنْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ , فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا وَاثِقِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِالتَّثَبُّتِ،
أَوْ طَالَتْ أَعْمَارُهُمْ , فَاحْتِيجَ إِلَى مَا عِنْدَهُمْ , فَسُئِلُوا , فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ الْكِتْمَانُ - رضي الله عنهم -. فتح الباري (ج ١ / ص ١٧٤)