للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ت حم طب) , وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ , فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ) (١) (فَلَمَّا رَأَيْتُهُ خَلِيًّا) (٢) (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ , وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ , قَالَ: " لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ , وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ , تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا , وَتُقِيمُ الصَلَاةَ , وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ , وَتَصُومُ رَمَضَانَ , وَتَحُجُّ الْبَيْتَ , ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ , الصَّوْمُ جُنَّةٌ (٣) وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ , وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ , ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى (٤) جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ (٥) يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٦) ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الْأَمْرِ (٧) كُلِّهِ , وَعَمُودِهِ , وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ (٨)؟ " , قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: " رَأسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ (٩) وَعَمُودُهُ الصَلَاةُ , وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ , ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ (١٠)؟ " , قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ , " فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ (١١) بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ (١٢)؟ , فَقَالَ: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ (١٣) يَا مُعَاذُ , وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ (١٤)؟) (١٥) (إِنَّكَ لَنْ تَزَالَ سَالِمًا مَا سَكَتَّ، فَإِذَا تَكَلَّمَتَ , كُتِبَ عَلَيْكَ , أَوْ لَكَ ") (١٦)


(١) (ت) ٢٦١٦
(٢) (حم) ٢٢١٢١ , وقال شعيب الأرناؤوط: صحيح بطرقه وشواهده.
(٣) (الْجُنَّةٌ): الْوِقَايَةُ.
" الصَّوْمُ جُنَّةٌ " , أَيْ: مَانِعٌ مِنْ الْمَعَاصِي , بِكَسْرِ الْقُوَّةِ وَالشَّهْوَةِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: " الصَّوْمُ جُنَّةٌ " , أَيْ: يَقِي صَاحِبَهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنْ الشَّهَوَاتِ. تحفة الأحوذي (ج٢ص ١٤٨)
(٤) أَيْ: تَتَبَاعَدُ.
(٥) أَيْ: الْمَفَارِشِ وَالْمَرَاقِدِ.
(٦) [السجدة/١٦، ١٧]
(٧) (رَأسُ الْأَمْرِ) أَيْ: أَمْرُ الدِّينِ.
(٨) أَيْ: أَعْلَى الشَّيْءِ , وَالسَّنَامُ بِالْفَتْحِ: مَا ارْتَفَعَ مِنْ ظَهْرِ الْجَمَلِ.
(٩) يَعْنِي الشَّهَادَتَيْنِ , لِيَشْعُرَ بِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأسِ مِنْ الْجَسَدِ فِي اِحْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ , وَعَدَمِ بَقَائِهِ دُونَهُ. تحفة الأحوذي (٦/ ٤١٥)
(١٠) الْمِلَاكُ: مَا بِهِ إِحْكَامُ الشَّيْءِ وَتَقْوِيَتُهُ، وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ " كُلِّهِ "، أَيْ: بِمَا تَقُومُ بِهِ تِلْكَ الْعِبَادَاتُ جَمِيعُهَا. تحفة الأحوذي (ج ٦ / ص ٤١٥)
(١١) أَيْ: هَلْ يُؤَاخِذُنَا وَيُعَاقِبُنَا , أَوْ يُحَاسِبُنَا رَبُّنَا. تحفة الأحوذي (٦/ ٤١٥)
(١٢) أَيْ: بِجَمِيعِ مَا نَتَكَلَّمُ بِهِ , إِذْ لَا يَخْفَى عَلَى مُعَاذٍ الْمُؤَاخَذَةُ بِبَعْضِ الْكَلَامِ. تحفة الأحوذي (ج ٦ / ص ٤١٥)
(١٣) أَيْ: فَقَدَتْك، وَأَصْلُهُ الدُّعَاءُ بِالْمَوْتِ , ثُمَّ اسْتُعْمِلُ فِي التَّعَجُّبِ.
(١٤) أَيْ: مَحْصُودَاتُهَا، فَشَبَّهَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالزَّرْعِ الْمَحْصُودِ بِالْمِنْجَلِ وَهُوَ مِنْ بَلَاغَةِ النُّبُوَّةِ، فَكَمَا أَنَّ الْمِنْجَلَ يَقْطَعُ وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَالْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ، فَكَذَلِكَ لِسَانُ بَعْضِ النَّاسِ يَتَكَلَّمُ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْكَلَامِ حَسَنًا وَقَبِيحًا , وَالْمَعْنَى: لَا يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ مِنْ الْكُفْرِ , وَالْقَذْفِ , وَالشَّتْمِ , وَالْغِيبَةِ , وَالنَّمِيمَةِ , وَالْبُهْتَانِ , وَنَحْوِهَا. وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفْرِغٌ، وَهَذَا الْحُكْمُ وَارِدٌ عَلَى الْأَغْلَبِ , لِأَنَّك إِذَا جَرَّبْتَ لَمْ تَجِدْ أَحَدًا حَفِظَ لِسَانَهُ عَنْ السُّوءِ , وَلَا يَصْدُرُ عَنْهُ شَيْءٌ يُوجِبُ دُخُولَ النَّارِ إِلَّا نَادِرًا. تحفة الأحوذي - (ج ٦ / ص ٤١٥)
(١٥) (ت) ٢٦١٦ , (جة) ٣٩٧٣ , (ن) ١١٣٩٤ , صَحِيح الْجَامِع: ٥١٣٦ , والصَّحِيحَة تحت حديث: ١١٢٢، وصَحِيحِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ٢٨٦٦
(١٦) (طب) ج٢٠/ص٧٣ح١٣٧, صَحِيح الْجَامِع: ٥١٣٦ , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ٢٨٦٦