للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ) (١) (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا , فَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ (٢) طَيِّبَةٌ , قَبِلَتْ الْمَاءَ , فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ (٣) الْكَثِيرَ , وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ (٤) أَمْسَكَتْ الْمَاءَ , فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ , فَشَرِبُوا مِنْهَا , وَسَقَوْا) (٥) (وَزَرَعُوا , وَأَصَابَ (٦) مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى , إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ (٧) لَا تُمْسِكُ مَاءً , وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً , فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ (٨) فِي دِينِ اللهِ , وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ , فَعَلِمَ وَعَلَّمَ , وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأسًا , وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ") (٩)

الشرح (١٠)


(١) (خ) ٧٩ , (م) ١٥ - (٢٢٨٢)
(٢) الْمُرَاد بِالطَّائِفَةِ: الْقِطْعَة. فتح الباري (ح٧٩)
(٣) قَوْله: " وَالْعُشْب " هُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامّ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ يُطْلَقُ عَلَى النَّبْتِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ مَعًا، وَالْعُشْبُ لِلرَّطْبِ فَقَطْ. فتح الباري (ح٧٩)
(٤) (أَجَادِب): جَمْعُ جَدْب , وَهِيَ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ الَّتِي لَا يَنْضُبُ مِنْهَا الْمَاء. فتح الباري (ح٧٩)
(٥) (م) ١٥ - (٢٢٨٢) , (خ) ٧٩
(٦) أَيْ: الْمَاء.
(٧) (قِيعَان): جَمْعُ قَاع , وَهُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمَلْسَاء , الَّتِي لَا تُنْبِت. فتح الباري (ح٧٩)
(٨) (فَقُهَ) أَيْ: صَارَ فَقِيهًا. فتح الباري (ح٧٩)
(٩) (خ) ٧٩ , (م) ١٥ - (٢٢٨٢) , (حم) ١٩٥٨٨
(١٠) قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره: ضَرَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ الدِّينِ مَثَلًا بِالْغَيْثِ الْعَامِّ الَّذِي يَأتِي فِي حَالِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَبَّهَ السَّامِعِينَ لَهُ بِالْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي يَنْزِلُ بِهَا الْغَيْثُ، فَمِنْهُمْ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْمُعَلِّمُ , فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ , شَرِبَتْ فَانْتَفَعَتْ فِي نَفْسهَا , وَأَنْبَتَتْ فَنَفَعَتْ غَيْرهَا.
وَمِنْهُمْ الْجَامِعُ لِلْعِلْمِ , الْمُسْتَغْرِقُ لِزَمَانِهِ فِيهِ , غَيْر أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَوَافِلِهِ , أَوْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِيمَا جَمَعَ , لَكِنَّهُ أَدَّاهُ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَاءُ , فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِ، وَهُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: " نَضَّرَ اللهُ اِمْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا ".
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْمَعُ الْعِلْمَ , فَلَا يَحْفَظُهُ , وَلَا يَعْمَلُ بِهِ , وَلَا يَنْقُلُهُ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ السَّبْخَة , أَوْ الْمَلْسَاء , الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْمَاءَ , أَوْ تُفْسِدُهُ عَلَى غَيْرِهَا. فتح الباري (ح٧٩)