للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ س) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ (١)؟ " , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ , مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ) (٢) (فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ, وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ ") (٣)

الشرح (٤)


(١) أيْ أَنَّ الَّذِي يُخَلِّفُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْمَالِ - وَإِنْ كَانَ هُوَ فِي الْحَالِ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ - فَإِنَّهُ بِاعْتِبَارِ اِنْتِقَالِهِ إِلَى وَارِثِهِ يَكُونُ مَنْسُوبًا لِلْوَارِثِ , فَنِسْبَتُهُ لِلْمَالِكِ فِي حَيَاتِهِ حَقِيقِيَّة , وَنِسْبَتُهُ لِلْوَارِثِ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ مَجَازِيَّة , وَمِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ حَقِيقِيَّة. (فتح الباري) - (ج ١٨ / ص ٢٥٧)
(٢) (س) ٣٦١٢ , (خ) ٦٠٧٧
(٣) (خ) ٦٠٧٧ , (س) ٣٦١٢ , (حم) ٣٦٢٦
(٤) أَيْ أَنَّ مَالَهُ هُوَ الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْت , بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يَخَلِّفُهُ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُه: فِيهِ التَّحْرِيضُ عَلَى تَقْدِيمِ مَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ مِنْ الْمَالِ فِي وُجُوهِ الْقُرْبَةِ وَالْبِرّ , لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي الْآخِرَة , فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُخَلِّفُهُ الْمُوَرِّثُ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَارِثِ , فَإِنْ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللهِ , اخْتَصَّ بِثَوَابِ ذَلِكَ , وَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي تَعِبَ فِي جَمْعِه وَمَنْعِه، وَإِنْ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللهِ , فَذَاكَ أَبْعَدُ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ , إِنْ سَلِمَ مِنْ تَبِعَتِه.
وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِسَعْدٍ: " إِنَّك أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاء , خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَة " , لِأَنَّ حَدِيثَ سَعْدٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ كُلِّه , أَوْ مُعْظَمِهِ فِي مَرَضِه، وَحَدِيثُ اِبْنِ مَسْعُودٍ فِي حَقِّ مَنْ يَتَصَدَّقُ فِي صِحَّتِهِ وَشُحِّه. فتح الباري (١٨/ ٢٥٧)