(ت جة حم) , وَعَنْ جُبْيَرِ بْنِ نُفَيْرٍ (١) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " فَشَخَصَ (٢) بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ , ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَوَانُ (٣) يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ (٤) حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ " , فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ - رضي الله عنه - (٥): كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا [الْعِلْمُ] (٦) وَقَدْ قَرَانَا الْقُرْآنَ؟ ,
فَوَاللهِ لَنَقْرَأَنَّهُ , وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا) (٧) (وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (٨)) (٩) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ (١٠) يَا زِيَادُ , إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى , فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ (١١)؟ ") (١٢)
وفي رواية: (" أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ , لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا؟ ") (١٣)
وفي رواية: (أَلَيْسَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِيهِمْ كِتَابُ اللهِ - عز وجل - ثُمَّ لَمْ يَنْتَفِعُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ؟ ") (١٤)
(قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - فَقُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟ , فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ , فَقَالَ عُبَادَةُ: صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ) (١٥) (" وَهَلْ تَدْرِي مَا رَفْعُ الْعِلْمِ؟ ", قُلْتُ: لَا , قَالَ: " ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ (١٦) وَهَلْ تَدْرِي أَيُّ الْعِلْمِ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ أَوَّلًا؟ , قُلْتُ: لَا , قَالَ: " الْخُشُوعُ (١٧)) (١٨) (يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ , فلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا ") (١٩)
(١) هو: جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرِ بنِ مَالِكِ بنِ عَامِرٍ الحَضْرَمِيُّ , الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ، الحِمْصِيُّ. أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ - فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَقِيَهُ - وَعَنْ عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَ جُبَيْرٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (٤/ ٧٦)
(٢) الشُّخوص: ارتفاع الأجفان , وتثبيت النظر.
(٣) أَيْ: وَقْتُ. تحفة الأحوذي - (ج ٦ / ص ٤٥٣)
(٤) أَيْ: يُخْتَطَفُ وَيُسْلَبُ عِلْمُ الْوَحْيِ مِنْهُمْ. تحفة الأحوذي (ج ٦ / ص ٤٥٣)
قال البيهقي: ويَحتمل أن يكون المراد به اختلاس الانتفاع بالعلم , وإن كانوا له حافظين , كما اختُلِس من اليهود والنصارى قال الله - عز وجل - {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ}. المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي - (ج ٢ / ص ٢٢٦)
(٥) هو: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ , خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ فَأَقَامَ مَعَهُ حَتَّى هَاجَرَ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيٌّ. تحفة الأحوذي (٦/ ٤٥٣)
(٦) (جة) ٤٠٤٨
(٧) (ت) ٢٦٥٣
(٨) يَعْنِي: أَنَّ الْقُرْآنَ مُسْتَمِرٌّ بَيْنَ النَّاسِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. تحفة الأحوذي (ج ٦ / ص ٤٥٣)
(٩) (جة) ٤٠٤٨
(١٠) (ثكلتك) أَيْ: فَقَدَتْك، وَأَصْلُهُ الدُّعَاءُ بِالْمَوْتِ , ثُمَّ اسْتُعْمِلُ فِي التَّعَجُّبِ. تحفة الأحوذي - (ج ٦ / ص ٤٥٣)
(١١) أَيْ: فَمَاذَا تَنْفَعُهُمْ وَتُفِيدُهُمْ؟.
قَالَ الْقَارِي: أَيْ: فَكَمَا لَمْ تُفِدْهُمْ قِرَاءَتُهُمَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا فِيهِمَا , فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ , فَنَزَّلَ الْعَالِمَ الَّذِي لَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِ , بَلْ مَنْزِلَةَ الْحِمَارِ الَّذِي يَحْمِلُ أَسْفَارًا , بَلْ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ , بَلْ هُمْ أَضَلُّ. تحفة الأحوذي (٦/ ٤٥٣)
(١٢) (ت) ٢٦٥٣
(١٣) (جة) ٤٠٤٨
(١٤) (حم): ١٧٥٠٨ , ١٧٩٤٩ وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.
(١٥) (ت) ٢٦٥٣
(١٦) يقصِد أنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ أي: العلماء.
(١٧) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ: الْخُشُوعُ فِي الصَّوْتِ وَالْبَصَرِ كَالْخُضُوعِ فِي الْبَدَنِ. تحفة الأحوذي - (ج ٦ / ص ٤٥٣)
(١٨) (حم) ٢٤٠٣٦ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.
(١٩) (ت) ٢٦٥٣
