للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م ت حم)، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: (لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الدَّيْنِ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:) (١) (" خَلَقَ اللهُ - عز وجل - آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ (٢) طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا) (٣) (قَالَ: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ , وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا , فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الْآنَ) (٤) (فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ , فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلهِ , فَحَمِدَ اللهَ بِإِذْنِهِ (٥) فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ يَا آدَمُ) (٦) (وفي رواية: يَرْحَمُكَ رَبُّكَ) (٧) (ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ - وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ - فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ) (٨) (فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، قَالَ: فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللهِ) (٩) (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ , فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ , وَتَحِيَّةُ) (١٠) (ذُرِّيَّتِكَ) (١١) (بَيْنَهُمْ ") (١٢)


(١) (حم) ٢٢٧٠ , صححه الألباني في ظلال الجنة: ٢٠٤، وهداية الرواة: ١١٤
(٢) قال الحافظ في الفتح (ج ٨ / ص ٣١): اخْتُلِفَ فِي الضَّمِيرِ عَلَى مَنْ يَعُود؟ , فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمَضْرُوبِ , لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْرِ بِإِكْرَامِ وَجْهِه، وَلَوْلَا أَنَّ الْمُرَادَ التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ اِرْتِبَاطٌ بِمَا قَبْلهَا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: أَعَادَ بَعْضُهُمْ الضَّمِيرَ عَلَى اللهِ مُتَمَسِّكًا بِمَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُقِه " إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَن " , قَالَ: وَكَأَنَّ مَنْ رَوَاهُ أَوْرَدَهُ بِالْمَعْنَى , مُتَمَسِّكًا بِمَا تَوَهَّمَهُ , فَغَلِطَ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْمَازِرِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ صِحَّة هَذِهِ الزِّيَادَة , ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا , فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْبَارِي سُبْحَانَه وَتَعَالَى.
قُلْت: الزِّيَادَةُ أَخْرَجَهَا اِبْن أَبِي عَاصِم فِي " السُّنَّة " , وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْن عُمَر بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَات , وَأَخْرَجَهَا اِبْنُ أَبِي عَاصِمٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ يَرُدُّ التَّأوِيلَ الْأَوَّل , قَالَ: " مَنْ قَاتَلَ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ , فَإِنَّ صُورَةَ وَجْهِ الْإِنْسَان عَلَى صُورَةِ وَجْهِ الرَّحْمَنِ " , فَتَعَيَّنَ إِجْرَاءُ مَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ بَيْن أَهْل السُّنَّة مِنْ إِمْرَارِه كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْر اِعْتِقَادِ تَشْبِيهٍ، أَوْ مِنْ تَأوِيلِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالرَّحْمَنِ - عز وجل -.
وَزَعَمَ بَعْضُهمْ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى آدَم , أَيْ: عَلَى صِفَتِهِ , أَيْ خَلَقَهُ مَوْصُوفًا بِالْعِلْمِ الَّذِي فَضَلَ بِهِ الْحَيَوَان , وَهَذَا مُحْتَمَل.
وَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيّ: غَلِطَ اِبْنُ قُتَيْبَة فَأَجْرَى هَذَا الْحَدِيث عَلَى ظَاهِرِه وَقَالَ: صُورَةٌ لَا كَالصُّوَرِ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي " كِتَاب السُّنَّة " سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهْوَيْهِ يَقُولُ: صَحَّ أَنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَن.
وَقَالَ إِسْحَاق الْكَوْسَج: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَاب السُّنَّة: " حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِه -أَيْ: صُورَةِ الرَّجُل- فَقَالَ: كَذِب , هُوَ قَوْل الْجَهْمِيَّةِ ".
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " , وَأَحْمَد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " لَا تَقُولَنَّ قَبَّحَ اللهُ وَجْهَكَ , وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ , فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِه " , وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي عَاصِم أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدكُمْ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْه , فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ وَجْهِه ". أ. هـ
(٣) (خ) ٥٨٧٣ , (م) ٢٨٤١ , (حم) ٨٢٧٤
(٤) (م) ٢٨٤١ , (خ) ٣١٤٨
(٥) أَيْ: بِأَمْرِهِ وَحُكْمِهِ, أَوْ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ, أَوْ بِتَيْسِيرِهِ وَتَوْفِيقِهِ. تحفة (٨/ ٢٦٤)
(٦) (ت) ٣٣٦٨
(٧) (حب) ٦١٦٧ , وقال الأرناءوط: إسناده قوي على شرط مسلم.
(٨) (م) ٢٨٤١ , (خ) ٣١٤٨
(٩) (م) ٢٨٤١ , (خ) ٣١٤٨
(١٠) (ت) ٣٣٦٨ , (م) ٢٨٤١ , (خ) ٣١٤٨
(١١) (م) ٢٨٤١
(١٢) (ت) ٣٣٦٨ , (حب) ٦١٦٧