للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م حم) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (" دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِي امْرَأَةٌ, فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ ") (١) (قُلْتُ: هَذِهِ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ (٢) وَزَعَمُوا أَنَّهَا لَا تَنَامُ اللَّيْلَ , قَالَ: " لَا تَنَامُ اللَّيْلَ؟) (٣) (مَهْ (٤)) (٥) (خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ (٦)) (٧) (فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا (٨)) (٩) (وَأَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ - عز وجل - مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ , وَإِنْ قَلَّ ") (١٠)

الشرح (١١)


(١) (خ) ٤٣ , (م) ٢٢٠ - (٧٨٥)
(٢) هي الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. انظر (م) ٢٢٠ - (٧٨٥)
(٣) (م) ٢٢٠ - (٧٨٥)
(٤) (مَهْ): قَالَ الدَّاوُدِيّ: أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَة: " مَا هَذَا " كَالْإِنْكَارِ , فَطَرَحُوا بَعْضَ اللَّفْظَةِ فَقَالُوا: (مَهْ) فَصَيَّرُوا الْكَلِمَتَيْنِ كَلِمَة.
وَهَذَا الزَّجْرُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْل، وَقَدْ أَخَذَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّة , فَقَالُوا: يُكْرَهُ صَلَاةُ جَمِيعِ اللَّيْل , كَمَا سَيَأتِي فِي مَكَانِه. (فتح الباري - ح٤٣)
(٥) (خ) ١١٠٠
(٦) أَيْ: اِشْتَغِلُوا مِنْ الْأَعْمَالِ بِمَا تَسْتَطِيعُونَ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ، فَمَنْطُوقُهُ يَقْتَضِي الْأَمْرَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يُطَاقُ مِنْ الْعِبَادَة، وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ تَكَلُّفِ مَا لَا يُطَاق.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خَاصًّا بِصَلَاةِ اللَّيْل، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون عَامًّا فِي الْأَعْمَالِ الشَّرْعِيَّة.
قُلْت: سَبَبُ وُرُودِهِ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ , وَلَكِنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، وَهُوَ الْمُعْتَبَر. (فتح الباري - ح٤٣)
(٧) (م) ٢٢٠ - (٧٨٥) , (خ) ٤٣
(٨) الْمَلَال: اِسْتِثْقَالُ الشَّيْء , وَنُفُورُ النَّفْسِ عَنْهُ بَعْد مَحَبَّتِه، وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى الله تَعَالَى بِاتِّفَاقٍ.
قَالَ الْهَرَوِيُّ: مَعْنَاهُ لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ فَضْلَهُ حَتَّى تَمَلُّوا سُؤَالَه , فَتَزْهَدُوا فِي الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ. (فتح الباري - ح٤٣)
(٩) (خ) ٤٣ , (م) ٢٢٠ - (٧٨٥)
(١٠) (حم) ٢٥٦٧٣ , (خ) ٤٣ , (م) ٢٢١ - (٧٨٥) , (س) ١٦٤٢
(١١) قَالَ النَّوَوِيّ: بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَسْتَمِرُّ الطَّاعَةُ بِالذِّكْرِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى الله، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ الشَّاقِّ , حَتَّى يَنْمُو الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَة.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: إِنَّمَا أَحَبَّ الدَّائِمَ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّارِكَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ , كَالْمُعْرِضِ بَعْدَ الْوَصْل، فَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِلذَّمِّ، وَلِهَذَا وَرَدَ الْوَعِيدُ فِي حَقِّ مَنْ حَفِظَ آيَةً ثُمَّ نَسِيَهَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حِفْظِهَا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ.
ثَانِيهمَا: أَنَّ مُدَاوِمَ الْخَيْرِ مُلَازِمٌ لِلْخِدْمَةِ، وَلَيْسَ مَنْ لَازَمَ الْبَابَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَقْتًا مَا , كَمَنْ لَازَمَ يَوْمًا كَامِلًا ثُمَّ اِنْقَطَعَ. (فتح الباري - ح٤٣)