للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أُخْبِرُوا , كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا (١) فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ , قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ, فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا , فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ , فلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، " فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ , فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ , أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ ِللهِ , وَأَتْقَاكُمْ لَهُ (٢) لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي (٣) فَلَيْسَ مِنِّي (٤) " (٥)


(١) أَيْ: اِسْتَقَلُّوهَا.
(٢) فِي قَوْله: " إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهِ " إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِاللهِ وَمَعْرِفَةَ مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ , أَعْظَمُ قَدْرًا مِنْ مُجَرَّدِ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّة. فتح الباري (١٤/ ٢٩٠)
(٣) الْمُرَاد بِالسُّنَّةِ: الطَّرِيقَة , لَا الَّتِي تُقَابِل الْفَرْض.
وَالرَّغْبَةُ عَنْ الشَّيْء: الْإِعْرَاضُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِه، وَالْمُرَاد: مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتِي وَأَخَذَ بِطَرِيقَةِ غَيْرِي , فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَمَّحَ بِذَلِكَ إِلَى طَرِيقِ الرَّهْبَانِيَّة , فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ اِبْتَدَعُوا التَّشْدِيدَ كَمَا وَصَفَهُمْ الله تَعَالَى , وَقَدْ عَابَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَا وَفُّوا بِمَا اِلْتَزَمُوهُ، وَطَرِيقَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَة, فَيُفْطِرُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْم وَيَنَامُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الْقِيَام , وَيَتَزَوَّجُ لِكَسْرِ الشَّهْوَة وَإِعْفَافِ النَّفْس , وَتَكْثِيرِ النَّسْل. (فتح) - (ج ١٤ / ص ٢٩٠)
(٤) إِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ بِضَرْبٍ مِنْ التَّأوِيلِ يُعْذَرُ صَاحِبُه فِيهِ , فَمَعْنَى " فَلَيْسَ مِنِّي " , أَيْ: عَلَى طَرِيقَتِي , وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْمِلَّة.
وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا وَتَنَطُّعًا يُفْضِي إِلَى اِعْتِقَادِ أَرْجَحِيَّة عَمَلِه , فَمَعْنَى " فَلَيْسَ مِنِّي ": لَيْسَ عَلَى مِلَّتِي , لِأَنَّ اِعْتِقَادَ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ الْكُفْر. فتح (١٤/ ٢٩٠)
(٥) (خ) ٤٧٧٦ , (م) ٥ - (١٤٠١)