للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ م) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي (١) وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي" (٢)

الشرح (٣)


(١) قَالَ وَكِيعٌ: هُوَ الْغَثَيَانُ.
(٢) (خ) ٥٨٢٥ , (م) ١٦ - (٢٢٥٠) , (د) ٤٩٧٩ , (حم) ٢٤٢٨٩
(٣) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَقِسَتْ , وَخَبُثَتْ بِمَعْنًى وَاحِد , وَإِنَّمَا كَرِهَ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذَلِكَ اِسْم الْخُبْثِ , فَاخْتَارَ اللَّفْظَةَ السَّالِمَةَ مِنْ ذَلِكَ , وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ - صلى الله عليه وسلم - تَبْدِيلُ الِاسْمِ الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ.
وَقَالَ غَيْره: مَعْنَى لَقِسَتْ: غَثَتْ، وَهُوَ يَرْجِعُ أَيْضًا إِلَى مَعْنًى خَبِيث. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَاءَ خُلُقهَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ فِي الَّذِي يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِهِ فَيُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْس , وَنَطَقَ الْقُرْآنُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَثَل كَلِمَة خَبِيثَة}.
قُلْت: لَكِنْ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ إِلَّا فِي مَعْرِضِ الذَّمّ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ مِنْ كَرَاهَةِ وَصْفِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِذَلِكَ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ اِسْتِحْبَابُ مُجَانَبَةِ الْأَلْفَاظِ الْقَبِيحَةِ وَالْأَسْمَاء، وَالْعُدُولِ إِلَى مَا لَا قُبْحَ فِيهِ، وَالْخُبْثُ وَاللَّقْسُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ يَتَأَدَّى بِكُلٍّ مِنْهُمَا , لَكِنَّ لَفْظَ الْخُبْثِ قَبِيح, وَيَجْمَعُ أُمُورًا زَائِدَةً عَلَى الْمُرَادِ بِخِلَافِ اللَّقْس , فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِامْتِلَاءِ الْمَعِدَة.
وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَطْلُبُ الْخَيْرَ , حَتَّى بِالْفَألِ الْحَسَن، وَيُضِيفُ الْخَيْرَ إِلَى نَفْسِهِ , وَلَوْ بِنِسْبَةٍ مَا، وَيَدْفَعُ الشَّرَّ عَنْ نَفْسِهِ مَهْمَا أَمْكَنَ , وَيَقْطَعُ الْوَصْلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الشَّرّ , حَتَّى فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَة. فتح الباري (١٧/ ٣٧٧)